الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٢٨٢
العلماء أن يبني أحد على ما صنع من صلاته غير طاهر ولا يخلو أمره عليه السلام إذا رجع من [أحد] ثلاثة أوجه إما أن يكون بنى على التكبيرة التي كبرها وهو جنب وبنى القوم معهم على تكبيرهم فإن كان هذا فهو منسوخ بالسنة والإجماع أما السنة فقوله عليه السلام ((لا يقبل الله صلاة بغير طهور)) (1) فكيف يبني على ما صلى وهو غير طاهر وتكبيرة الإحرام ركن من أركان الصلاة فكيف يجتزئ بها وقد عملها على غير طهارة هذا لا يظنه ذو لب ولا يقوله أحد لأن علماء المسلمين مجمعون على أن الإمام وغيره من المصلين لا يبني أحد منهم على شيء عمله في صلاته وهو على غير طهارة وإنما اختلفوا في بناء المحدث على ما قد صلى وهو طاهر قبل حدثه وقد بينا ذلك فيما مضى من هذا الكتاب في باب بناء الراعف والحمد لله والوجه الآخر أن يكون - عليه السلام - حين انصرف بعد غسله استأنف صلاته واستأنفها أصحابه معه بإحرام جديد وأبطلوا إحرامهم وإن كانوا قد أحرموا معه وكان لهم أن يعتدوا به لو استخلف من يتم بهم فإن كان هذا فليس في الحديث معنى يشكل حينئذ على مذهب من روى أنه كبر ثم أشار إليهم أن امكثوا ثم انصرف وأما من روى أنه لم يكبر أولا وكبر لما انصرف فليس في روايته شيء يحتاج إلى قول غير انتظار الإمام إذا كان في الوقت سعة وهذا أمر مجتمع على جوازه ولا مدخل أيضا للقول فيه والوجه الثالث أن يكون النبي - عليه السلام - كبر محرما مستأنفا لصلاته وبنى القوم خلفه على ما مضى من إحرامهم فهذا وإن كان فيه النكتة المجيزة لصلاة القوم خلف الإمام الجنب لاستجزائهم بإحرامهم فإنه لا يصح ولا يخرج على مذهب مالك لأنه حينئذ يكون إحرام القوم قبل إحرام إمامهم وهذا غير جائز عند مالك وجمهور الفقهاء وإنما أجازه الشافعي في أحد قوليه والصحيح عن الشافعي ما ذكره البويطي وغيره عنه أن إحرام المأموم لا يصح
(٢٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 ... » »»