الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٢٨٧
وعن الأوزاعي نحوه ولا يجزئ عند مالك وأصحابه في المني ولا في سائر النجاسات إلا الغسل بالماء ولا يجزئ فيه عنده الفرك وأنكره ولم يعرفه وأما أبو حنيفة وأصحابه فالمني عندهم نجس ويجزئ فيه الفرك على أصلهم في النجاسة أنه يطهرها كل ما أزال عينها من الماء وغير الماء وقال الثوري يفرك فإن لم يفركه أجزته صلاته وقال الحسن بن حي لا تعاد الصلاة من المني في الثوب وإن كثر وتعاد من المني في الجسد وإن قل وكان يفتي مع ذلك بفركه من الثوب إذا كان يابسا وبغسله إذا كان رطبا وقال الليث بن سعد هو نجس ويعيد منه في الوقت ولا يعيد بعده ويفركه من ثوبه بالتراب قبل أن يصلي وقال الشافعي المني طاهر ويفركه من ثوبه إذا كان يابسا وإن لم يفركه فلا بأس به وأما النجاسات فلا يطهرها عنده إلا الغسل بالماء كقول مالك سواء والمني عند أبي ثور وأحمد وإسحاق وداود طاهر كقول الشافعي ويستحبون غسله رطبا وفركه يابسا وهو قول سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عباس كان سعد يفرك المني من ثوبه وقال بن عباس هو كالنجاسة أمطه (1) عنك بإذخرة (2) وامسحه بخرقة وكذلك التابعون مختلفون بالحجاز والعراق على هذين القولين منهم من يرى فركه ومنهم من لا يرى إلا غسله ويطول الكتاب بذكرهم وأما قول عمر - رحمه الله - ((أغسل ما أرى وأنضح ما لم أر - فالنضح - لا محالة - ها هنا الرش بدليل قوله أغسل ما رأيت فجعل النضح غير الغسل وهو الظاهر في النضح وإن كان قد يعبر في مواضع بالنضح عن الغسل على حسب ما يفهمه السامع ولا خلاف بين العلماء أن النضح في حديث عمر هذا معناه الرش وهو عند أهل العلم طهارة ما شك فيه كأنهم جعلوه دفعا للوسوسة ندب بعضهم إلى ذلك وأباه بعضهم وقال لا يزيده النضح إلا شرا
(٢٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 ... » »»