ناسخ الحديث ومنسوخه - عمر بن شاهين - الصفحة ٣٨
2 - أمهات الأخلاق: فحكمة الله في شرعها، ومصلحة الناس في التخلق بها أمر ظاهر لا يتأثر بمرور الزمن ولا يختلف باختلاف الأشخاص والأمم، فلا يتناولها النسخ بالتبديل والتغيير.
3 - أصول العبادات والمعاملات: وهما واضح حاجة الخلق إليها باستمرار، لتزكية النفوس وتطهيرها، ولتنظيم علاقة المخلوق بالخالق على أساسهما، فلا يظهر وجه من وجوه الحكمة في رفعها بالنسخ.
4 - مدلولات الأخبار المحضة: لا يدخلها النسخ لأن ذلك يؤدي إلى كذب الشارع في أحد خبريه الناسخ والمنسوخ، وهو محال في حقه تعالى، مثال ذلك: قوله تعالى: (فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية) [الحاقة: 5] أما الخبر الذي ليس محضا، بأن كان في معنى الإنشاء، ودل على أمر أو نهي متصلين بأحكام فرعية عملية، فلا نزاع في جواز نسخه والنسخ به، لأن العبرة بالمعنى لا باللفظ، مثال: قوله تعالى: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) [البقرة: 228].
5 - الأحكام المؤقتة بوقت: لا تكون محلا للنسخ قبل تمام وقتها مثال قوله تعالى: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) [البقرة: 187].
7 - المصنفون في علم الناسخ والمنسوخ اهتم سلفنا الصالح من العلماء بهذا العلم الجليل اهتماما كبيرا، تدل على ذلك مصنفاتهم الكثيرة، سواء كانت في الناسخ والمنسوخ في القرآن، أم في السنة. وقد اعتبروا النوع الأخير من أهم العلوم وأصعبها في آن واحد. قال الحارمي في الاعتبار:
(هو علم جليل، ذو غور وغموض، دارت فيه الرؤوس، وتاهت في الكشف عن مكنونه النفوس). ثم أسند عن الزهري قوله: (أعيا الفقهاء وأعجزهم أن يصفوا ناسخ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من منسوخه). وكان هذا العلم متداولا بين الصحابة والتابعين، متفرقا في كتب شروح السنة، ويعتبر الشافعي (ت 204 ه‍) من الأئمة الأوائل الذين تضلعوا في هذا العلم، فخاض تياره وكشف أسراره، واستخرج دفينه،
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»