ناسخ الحديث ومنسوخه - عمر بن شاهين - الصفحة ٣٥
الله تعالى، تعلق بالفعل على وجه لولا طريان الناسخ عليه لكان مظنون الثبوت في المستقبل من الزمن.
غير أن التعريف المتداول بين الأصوليين والمفسرين هو: رفع الشارع حكما شرعيا بدليل شرعي مستأخر، وقولهم في هذا التعريف: (رفع الشارع) يمنع النسخ بما عدا الكتاب والسنة، ولو كان إجماعا، وقولهم: (حكما شرعيا) يخرج من النسخ رفع عوائد الجاهلية وأحكامها، لأنها ليست من الشرع، كما يخرج منه رفع الإباحة الأصلية، لأن مرجعها إلى العقل وليس إلى الشرع.
2 - حكمه اتفق الأصوليون على العمل بحكم الناسخ وترك العمل بحكم المنسوخ، كما اتفقوا كذلك على أن حكم النسخ لا يثبت في حق المكلف قبل أن يبلغه جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم، واختلفوا في ثبوته لهم بعد تبليغ جبريل له، وقبل أن يبلغه الرسول صلى الله عليه وسلم للأمة، فذهب الحنفية والحنابلة وابن حزم من الظاهرية إلى أنه لا يثبت حكمه قبل التبليغ، قال ابن حزم: (والذي نقول به: إن النسخ لا يلزم إلا إذا بلغ، وبين ما قلنا قوله تعالى: (لأنذركم به ومن بلغ)، فإنما أوجب الحكم بعد البلوغ)، واختار هذا المذهب كذلك الآمدي، وابن الحاجب، وذهب بعض الشافعية إلى ثبوته قبل التبليغ، واحتج أصحاب المذهب الأول بأن النسخ يلزمه التالي:
1 - ارتفاع الحكم السابق، وعدم الخروج به عن العهدة.
2 - لزوم الإتيان بالفعل الذي تعلق به الحكم اللاحق وحصول الثواب إذا فعله المكلف، والعقاب إذا تركه، وهذه اللوازم كلها منتفية، ونفي اللازم يدل على نفي الملزوم، أما أن الحكم الأول لم يرتفع فلأن المكلف يخرج به عن عهدة التكليف، ويثاب بفعله، ويأثم بتركه ما دام لم يبلغه الناسخ، وذلك الأمر مجمع عليه.
وأما الإتيان بالفعل الثاني غير لازم فدليله:
1 - قوله تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) [الإسراء: 15]،
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»