أ - تعريف النسخ أ - في اللغة: النسخ لغة يطلق على معان تدور بين: النقل، و التحويل، والأبطال، والإزالة، فيقولون: نسخ زيد الكتاب إذا نقله عن معارضة، أي مقابلة، واستنسخه إذا كتب كتابا عن كتاب، حرفا بحرف، ومنه قوله تعالى: (إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون) [الجاثية: 29]، أي: ننسخ ما تكتب الحفظة، فيثبت عند الله تعالى. والكتاب ناسخ ومنتسخ، والمكتوب: المنقول منه نسخة - بالضم - وهو الأصل المنتسخ منه، قال تعالى: (وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون) [الأعراف: 54].
ويكون بمعنى التحويل، مع بقاء الشئ في نفسه، كنسخ النحل إذا نقله إلى خلية أخرى، ومنه تحويل المناسخات في المواريث، فإنها تنقل من قوم إلى قوم، مع بقاء أصل الميراث، وهو مجاز، وتتناسخ الأزمنة والقرون، بمعنى: تداولها.
والنسخ بمعنى الإزالة، والإبطال، يقولون: نسخ الشيب الشباب إذا أزاله وحل محله، ونسخت الشمس الظل إذا أذهبته وحلت محله، ونسخ آية بآية إزالة حكمها، قال الفراء: النسخ أن تعمل بالآية ثم تنزل آية أخرى فتعمل بها وتترك الأولى، ومنه قوله تعالى: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها) [البقرة: 106]، وقوله تعالى: (وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون) [النحل: 101]، وهذا يسمى نسخ إلى بدل.
ونسخت الريح أثر الديار: أي: أبطلتها وعفت عليها، ومنه قوله تعالى:
(فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته) [الحج: 52]، وهذا يسمى نسخ إلى غير بدل، بمعنى: رفع الحكم وإبطاله من غير أن يقيم له بدلا.
وقد اختلف أهل العلم في هذه المعاني، أيها على سبيل الحقيقة، وأيها على سبيل المجاز. فذهب أبو الحسن البصري إلى أن النسخ حقيقة في الإزالة، مجاز في النقل. وذهب الزمخشري إلى عكس ذلك. وذهب السرخسي إلى أنه مجاز في الإزالة