حين جلس فقال أما بعد يا عائشة فإنه بلغني كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله وان كنت ألممت بذنب فاستغفري الله ثم توبي إليه فإن العبد إذا أذنب ثم تاب تاب الله عليه فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة فقلت لأبي أجب رسول الله فقال والله ما أدري ما أقول لرسول الله فقلت لأمي أجيبي رسول الله فقالت والله ما أدري ما أقول لرسول الله وأنا امرأة حديثة السن لم أقرأ كثيرا من القرآن فقلت إني والله أعلم أنكم قد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به فلئن قلت إني بريئة والله يعلم أني بريئة لا تصدقونني وما أجد لي ولكم مثلا إلا أبا يوسف فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ثم تحولت فاضطجعت على فراشي وما كنت أرى أن الله ينزل في شأني وحيا ولشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلم الله في بأمر من السماء ولكن كنت أرجو أن يري الله نبيه عليه السلام رؤيا في النوم يبرئني الله بها فوالله ما رام رسول الله من مجلسه ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أخذ ما كان يأخذه من البرحاء وهو العرق حين ينزل عليه الوحي وكان إذا أوحي إليه أخذه البرحاء حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان في اليوم الشاتي من ثقل القرآن الذي ينزل عليه قالت فسري عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو يضحك فكان أول كلمة تكلم بها أما أنت يا عائشة فقد برأك الله فقلت بحمد الله لا بحمدكم قالت أمي قومي إليه قلت والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله فأنزل الله إن الذين جاؤوا بالإفك إلى آخر الآيات العشر كلها فلما أنزل الله هذا في براءتي قال أبو بكر وكان ينفق على مسطح لقرابته وفقره
(٨٢)