فلما أمسينا قال ذلك الرجل الذي من أبناء الملوك ما هذا الغلام لا تضعوه ليأخذه رجل منكم فقالوا خذه أنت فقال لي هلم يا سلمان فذهب بي معه حتى أتى غاره الذي يكون فيه فقال يا سلمان هذا خبز وهذا آدم فكل إذا غرثت وصم إذا نشطت وصل ما بدا لك ونم إذا كسلت ثم قام في صلاته فلم يكلمني إلا ذلك ولم ينظر إلي فأخذني الغم تلك السبعة أيام لا يكلمني أحد حتى كان الأحد فذهبنا إلى مكانهم الذي كانوا يجتمعون قال وهم يجتمعون كل أحد يفطرون فيه فيلقى بعضهم بعضا فيسلم بعضهم على بعض ثم لا يلتقون إلى مثله قال فرجعنا إلى منزلنا فقال لي مثل ما قال أول مرة هذا خبز وآدم فكل منه إذا غرثت وصم إذا نشطت وصل ما بدا لك ونم إذا كسلت ثم دخل في صلاته فلم يلتفت إلي ولم يكلمني إلى الأحد الآخر وأخذني غم وحدثت نفسي بالفرار فقلت أصبر أحدين أو ثلاثة ولما كان الأحد رجعنا إليهم فأفطروا واجتمعوا فقال لهم إني أريد بيت المقدس فقالوا له وما تريد إلى ذلك قال لا عهد لي به قالوا إنا نخاف ان يحدث بك حدث فيليك غيرنا وكنا نحب أن نليك قال لا عهد لي به فلما سمعته يذكر ذلك فرحت قلت نسافر ونلقى الناس فيذهب عني الغم الذي كنت أجد فخرجت أنا وهو وكان يصوم من الأحد إلى الأحد ويصلي الليل كله ويمشي النهار فإذا نزلنا قام يصلي فلم يزل ذلك حتى انتهينا إلى بيت المقدس وعلى الباب رجل مقعد يسأل الناس فقال اعطني فقال ما معي شئ فدخلنا بيت المقدس فلما رآه أهل بيت المقدس بشوا إليه واستبشروا به فقال لهم غلامي هذا فاستوصوا به فانطلقوا بي فأطعموني خبزا ولحما ودخل في الصلاة فلم ينصرف إلي حتى كان يوم الأحد ثم انصرف فقال لي يا سلمان إني أريد أن أضع رأسي فإذا بلغ الظل مكان كذا وكذا فأيقظني فوضع رأسه فنام فبلغ الظل الذي قال فلم أوقظه مأواة مما رأيت من اجتهاده
(٢٤٣)