وبديهي أن التشيع الذي نسب إلى النسائي.. كما ذهب إليه بعض المؤرخين من الشيعة لا بد أن تتجلى آثاره في تصانيفه وكتبه، مع العلم أنه لم يكن أي أثر ظاهر من التشيع في مصنفاته وإنما بالعكس، لذلك لا يمكن نسبة التشيع إليه بحال من الأحوال.
غير أن السيد الأمين رحمه الله.. ترجم له في كتابه (1)، وخصص له فصلا بعنوان - تشيعه - مستندا فيه إلى قول ابن خلكان السالف ص 12، أو تصنيفه لكتاب الخصائص.. وأكثر رواياته عن أحمد بن حنبل، إلى جانب قول النسائي: دخلت دمشق والمنحرف عن علي بها كثير، فأردت أن يهديهم الله تعالى بهذا الكتاب.
فقد اعتبر السيد الأمين القول هذا نصا ثابتا على تشيعه، وذهب إلى أنه كان شيعي المذهب، وأنا لا أفهم مفهوم هذا القول الباطني ولا أستطيع اتخاذه نصا على التشيع، مع وجود عشرات المراجع الدالة والناطقة على كونه شافعي المذهب.
وإنني في الواقع لم أعرف معنى هذا الإصرار والإلحاح الشديدين من السيد الأمين.. من جعل النسائي وأقرانه من المؤرخين والمحدثين من الشيعة، ووضع تراجم مفصلة لهم، وذكر ما يخالف الواقع التاريخي.
وأيا كان حرص السيد الأمين وأسبابه ودوافعه في جعل هؤلاء شيعة.. وتقييدهم بعجلة التشيع وربطهم بركبه.. من غير استناد على نص تاريخي، وإنما كان على اجتهادات واستنباطات واهية بعيدة كل البعد عن التحقيق العلمي والبحث الصحيح الحديث، وعلى هذا ليس علينا أن نعجب حين نجده رحمه الله.. يتوسع في تراجم رجال من غير الشيعة ويجعلهم في كتابه ظنا منه أن كتابة رسالة مثلا في فضل علي - ع -