فرآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم - يتحدثون خافضي أصواتهم، قد لصق بعضهم ببعض، فأمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجوا من المسجد إخراجا عنيفا فقام أبو أيوب خالد بن زيد بن كليب، إلى عمرو بن قيس - أحد بني غنم بن النجار - وكان صاحب آلهتهم في الجاهلية - فأخذ برجله فسحبه حتى أخرجه من المسجد وهو يقول: أتخرجني يا أبا أيوب من مريد بني ثعلبة (؟!) ثم أقبل أبو أيوب أيضا إلى رافع بن وديعة - أحد بني النجار - فلببه بردائه، ثم نتره (جذبه) نترا شديدا، ولطم وجهه، ثم أخرجه من المسجد، وأبو أيوب يقول له: «أف لم منافقا خبيثا، أدراجك [أي ارجع خلفك] يا منافق من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن هشام: قال الشاعر:
فولى وأدبر أدراجه * وقد باء بالظلم من كل ثم وقام عمارة بن حزم، إلى زيد بن عمرو - وكان - رجلا طويل اللحية - وقام بلحيته، فقاده بها قودا عنيفا حتى أخرجه من المسجد، ثم جمع عمارة يديه فلدمه بهما في صدره لدمة خر منها. قال يقول: خدشتني يا عمارة؟!
قال: أبعدك الله يا منافق، فما أعد الله لك من العذاب أشد من ذلك، فلا تقربن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن هشام: اللدم: الضرب ببطن الكف. قال ابن إسحاق: وقام أبو محمد - رجل من نبي النجار - كان بدريا [وذكر ابن إسحاق اسمه وكنيته ونسبه] - إلى قيس بن عمرو بن سهل، وكان قيس غلاما شابا، وكان لا يعلم في المنافقين شاب غيره، فجعل يدفع في قفاه حتى أخرجه من المسجد وقام رجل من بلخدرة بن الخزرج - رهط أبي سعيد الخدري.
يقال له: عبد الله بن الحارث - حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخراج المنافقين من المسجد. إلى رجل يقال له: الحارث بن عمرو وكان ذا جمة [الشعر المنسدل على الأذنين والقفا - والله أعلم]. فسحبه بها سحبا عنيفا على ما مر به من الأرض حتى أخرجه من المسجد. قال: يقول المنافق: لقد أغلظت يا ابن الحارث فقال: