أثناء المثل من الواحد إلى الجمع في قوله: (فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون * صم بكم عمى فهم لا يرجعون). وهذا من أفصح الكلام وأبلغ النظام - فقوله: (ذهب الله بنورهم) أي: أذهب عنهم ما ينفعهم وهو النور، وأبقى لهم ما يضرهم وهو الإحراق والدخان. (وتركهم في ظلمات) وهو ما هم فيه من الشك والكفر والنفاق. (لا يبصرون) لا يهتدون إلى سبل خير ولا يعرفونها، وهم مع ذلك (صم) لا يسمعون خيرا، (بكم) لا يتكلمون بما ينفعهم، (عمى) في ضلالة وعماية البصيرة. كما قال - تعالى -: (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)، فلهذا (لا يرجعون) إلى ما كانوا عليه من الهداية التي باعوها بالضلالة» ا. ه كلامه يرحمه الله تعالى.
كيف هم اليوم (؟!) وقد بانت الحجة واستبانت المحجة (؟!) قلت:
نصوص القرآن المحكمة، والسنة المتواترة، وبضميمة ما بين يديك من نصوص هذا الكتاب تجيبك - بجلاء - على هذا السؤال، إن كنت محتاجا إلى معرفة إجابته، فضلا عن كونها معلومة عندك أصلا (!) فتنبه فإن الأمر جد خطير (!) ومساربهم أدق من مسارب قطرات العرق يخرج من جلدك، وكذا مداخلهم، والمعصوم من عصم الله تعالى. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: «والمنافقون ما زالوا، ولا يزالون إلى يوم القيامة» ا. ه قلت: هم اليوم أكثر عددا، وأقوى عددا، وأخبث جانبا، وأنتن ريحا، وأشد قحة، وأجهر دعوة، وأقل حياء في استغواء غيرهم إلى سبيلهم الوعر. إلا من عصم الله تعالى. ولا نبالغ، ولا نعدو الحقيقة إذا قررنا أن النفاق صار لإنسان اليوم ألزم من الماء والهواء - إلا من شاء الله وقايته - ولست في حاجة إلى تدليل: