مات اليوم عظيم من عظماء المنافقين. ورفاعة بن زيد بن التابوت، وهو الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم حين هبت الريح، وهو قافل من غزوة بني المصطلق، فاشتدت عليه - حتى أشفق المسلمون منها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تخافوا، فإنما هبت لموت عظيم من عظماء الكفار، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وجد رفاعة بن زيد بن التابوت مات ذلك اليوم الذي هبت فيه الريح» ا. ه, قلت: وهذا الحديث الذي رواه ابن إسحاق بلاغا، أخرجه - فيما يحضرنا الساعة - موصولا - الإمام مسلم - رحمه الله - في «صحيحه» (17 / 138 - نووي) من طريق حفص - يعنى ابن غياث - عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم من سفر، فلما كان قرب المدينة وهاجت ريح شديدة تكاد تدفن الراكب) فزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بعثت هذه الريح لموت منافق، فلما قدم المدينة، فإذا منافق عظيم النفاق قد مات».
ورواه الإمام أحمد - رحمه الله - في «المسند» (3 / 341) من طريق ابن لهيعة ثنا أبو زيد عن جابر: أنهم غزوا غزاة بين مكة والمدينة فهاجت عليهم ريح شديدة حتى دفعت الرجال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا لموت منافق، فرجعنا إلى المدينة فوجدنا منافقا عظيم النفاق قد مات» ا. ه قلت: وكما نرى - فليس في الروايتين اللتين بين يديك تسمية أشخاص بذواتهم ولا تحديد أعيان بأنفسهم، فلعل ذلك يكون في أحد طرق الحديث - مما لم نحط به الساعة - وإلا فالله أعلم.
قال ابن إسحاق - رحمه الله - [بعد أن ذكر أقواما آخرين من المنافقين]: وكان هؤلاء المنافقون يحضرون المسجد فيستمعون أحاديث المسلمين، ويسخرون ويستهزئون بدينهم فاجتمع - يوما - في المسجد منهم ناس،