ورحم الله تعالى - الشيخ محمد حامد الفقى - سلفنا في هذا المضمار، والذي أخرج للدنيا هذا الكتاب أول مرة - فيما نعلم - على ما وصفت في خطبة كتابي. والذي من كتابه كان عملي القليل الكليل.
ولما كان الذي نشره الشيخ البدر إنما هو عن أصل مخطوط غير ذلك الأصل الذي نقل عنه الشيخ الفقى - رحمه الله تعالى - على ما ظهر في خطبة كتاب أخينا الشيخ البدر...، فقد أشار على شيخنا أبو إسحاق المؤيد بالله - أعزه الله تعالى - بما رآه مفيدا من مضاهاة النسختين، لا سيما متون الأحاديث وأسانيدها، والتي بذلت في تحقيقها وضبطها وتحريرها وتصويبها بمقابلتها على نظائرها من الكتب المشهورة والأجزاء المنثورة ما الله تعالى به عليم، هذا فوق ما بذله فيها محققها وناشرها أولا الشيخ الفقى رحمه الله تعالى وأجزل مثوبته فإنه للحق صرف فيها ما وسعه من جهد - حسب المتاح آنذاك - بل أرجو أنى لست مغالبا إذا قلت: إنه بذل فوق ما وسعه مع ما كان مشتغلا به حينذاك - رحمه الله - وادخره له عنده ليوم تكون فيه العاقبة للمتقين.
تلقفت إذن كتاب أخينا الفاضل الشيخ البدر بشغف بالغ شأن من هذا شأنهم عندما يجد في هذا المجال جديد (!) ورجوت أن يكون فيه فائدة زائدة، وكان الله عز وجل عند رجائي، فقد أفدت فعلا من كتاب الرجل إفادات كثيرة جليلة أظن أن لو خرج كتابي بدونها لكان فيه خلل ونقص كثير، فقد بذل في الكتاب جهدا يعرفه المكابد، فجزاه الله خيرا ونفع به.
وقد التقطعت من كتابه لقطا، ناقشته فيها نقاش أخ محب له ناصح، ولم أجادله جدال قال له يتسقط هفواته، ويتتبع هناته، التي هي من لوازم البشرية فينا، وسبحان من شأنه الكمال المطلق، وإني لأعجب غاية العجب من أولئك الذي تستنفرهم شياطينهم من الجن والإنس فينفرون بخيلهم