وآخرون من أهل الكتاب، فمن ثم وجد النفاق في أهل المدينة ومن حولها من الأعراب. فأما المهاجرون فلم يكن فيهم أحد، لأنه لم يكن أحد يهاجر مكرها، بل يهاجر ويترك ماله وولده وأرضه رغبة فيما عند الله في الدار الآخرة». ا. ه قال ابن إسحاق - رحمه الله -: «ونصبت عند ذلك أحبار يهود - لرسول الله صلى الله عليه وسلم العداوة بغيا وحسدا وضغنا لما خص الله تعالى به العرب من أخذه رسوله منهم، وانضاف إليهم رجال من الأوس والخزرج ممن كان عسى على جاهليته، فكانوا أهل نفاق على دين آبائهم من الشرك والتكذيب بالبعث، إلا أن الإسلام قهرهم بظهوره واجتماع قومهم عليه، فظهروا بالإسلام واتخذوه جنة من القتل، ونافقوا في السر، وكان هواهم مع يهود، لتكذيبهم النبي صلى الله عليه وسلم، وجحودهم الإسلام، وكانت أحبار يهود هم الذين يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعنتونه، ويأتونه باللبس، ليلبسوا الحق بالباطل، فكان القرآن ينزل فيهم فيما يسألون عنه، إلا قليلا من المسائل في الحلال والحرام كان المسلمون يسألون عنها...» قال - رحمه الله -: «وكان ممن انضاف إلى يهود ممن سمى لنا من المنافقين من الأوس، ثم من بني لوذان بن عمرو بن عوف: ذوي بن الحارث، ومن بني حبيب بن عمرو بن عوف: جلاس بن سويد بن الصامت وأخوه الحارث بن سويد.
وجلاس هذا الذي قال - وكان ممن تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك -: «لئن كان هذا الرجل صادقا لنحن شر من الحمر»، فرفع ذلك من قوله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمير بن سعد أحدهم، وكان في حجر جلاس، فخلف جلاس على أمه بعد أبيه، فقال له عمير بن سعد: والله يا جلاس إنك لأحب الناس إلي، وأحسنهم عندي يدا، وأعز علي من أن يصيبه شئ يكرهه، ولقد قلت مقالة لئن رفعتها عليك لأفضحنك، ولئن صمت عليها ليهلكن ديني، ولإحداهما أيسر علي من الأخرى. ثم مشي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله