شيئا من هذا، أنه قال: النفاق نفاقان، نفاق العمل، ونفاق التكذيب قلت:
لعله - رحمه الله - يعني ذاك الذي رواه المصنف - رحمه الله - عن الحسن في هذا الكتاب، والذي ستعرفه في موضعه عندما نعرض لشرحه إن شاء الله تعالى، وبالله العون.
فصل النفاق... كيف نبت؟
قال الإمام الحافظ أبو الفداء ابن كثير - رحمه الله - في «تفسيره» (1 / 105 - عمدة / شاكر): «وإنما نزلت صفات المنافقين في السور المدنية، لأن مكة لم يكن فيها نفاق، بل كان خلافه، من الناس من كان يظهر الكفر مستكرها وهو في الباطن مؤمن، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وكان بها الأنصار من الأوس والخزرج، وكانوا في جاهليتهم يعبدون الأصنام على طريقة مشركي العرب، وبها اليهود من أهل الكتاب على طريقة أسلافهم، وكانوا ثلاث قبائل: بنو قينقاع حلفاء الخزرج، وبنو النضير، وبنو قريظة حلفاء الأوس. فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسلم من أسلم من الأنصار من قبيلتي الأوس والخزرج، وقل من أسلم من اليهود إلا عبد الله بن سلام رضي الله عنه، ولم يكن إذ ذاك نفاق أيضا، لأنه لم يكن للمسلمين بعد شوكة تخاف، بل كان عليه الصلاة والسلام وادع اليهود وقبائل كثيرة من أحياء العرب حوالي المدينة، فلما كانت وقعة بدر العظمى، وأظهر الله كلمته، وأعز الإسلام وأهله، قال عبد الله بن أبي بن سلول، وكان رأسا في المدينة، وهو من الخزرج، وكان سيد الطائفتين في الجاهلية، وكانوا قد عزموا على أن يملكوه عليهم، فجاءهم الخير وأسلموا واشتغلوا عنه، فبقي في نفسه من الإسلام وأهله، فلما كانت وقعة بدر قال: «هذا أمر قد توجه». فأظهر الدخول في الإسلام، ودخل معه طوائف ممن هو على طريقته ونحلته،