تعالى في حق المنافقين: (مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء) والذبذبة: الاضطراب. قال الزمخشري: «وحقيقة المذبذب، الذي يذب على كلا الجانبين، أي يذاد ويدفع فلا يقر في جانب واحد». وقوله: (لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء) أي لا منسوبين إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، لأنهم ليسوا مشركين موقنين، ولا مؤمنين مخلصين. ا. ه.
قلت: ويؤيد هذا ويشهد له ما أحرجه أصحاب الكتب - كما سيأتي تخريجه مستقصى في موضعه إن شاء الله تعالى - من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يرفعه: مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة... وهذا اللفظ لمسلم رحمه الله تعالى.
والعائرة: المترددة. وعند أحمد رحمه الله تعالى العائرة بين الغنمين تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرء لا تدرى أهذه تتبع أم هذه ولابن حبان رحمه الله تعالى: «إن مالت إلى هذا الجنب نطحت وإن مالت إلى هذا الجنب نطحت». وعند الطبراني رحمه الله تعالى: إذا أتت هذه نطحتها وإذا أتت هذه نطحتها. كما أخرج الحديث أيضا - كما عندهم - إمام المفسرين والمؤرخين أبو جعفر ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى في تفسير (9 / 333 - شاكر) وسوف نستوفي - إن شاء الله تعالى - طرق الحديث ونجمع أطرافه كاملة عند الكلام عليه والله المستعان.
قال الحافظ رحمه الله تعالى: «... وقال النووي: [رحمه الله تعالى]:
«هذا الحديث [يعني: حديث صفة المنافق] عده جماعة من العلماء مشكلا من حيث إن هذه الخصال قد توجد في المسلم المجمع على عدم الحكم بكفره،... قال: وليس فيه إشكال، بل معناه صحيح، والذي قاله المحققون،... أن معناه أن هذه خصال المنافق، وصاحبها شبيه بالمنافقين في هذه الخصال ومتخلق بأخلاقهم». قلت: ومحصل هذا الجواب الحمل في التسمية