كتاب العرش - ابن أبي شيبة - الصفحة ١١
موضوع الكتاب:
الكتاب مؤلف - كما يتبين لمن يقرا مقدمته - للرد على الجهمية الذين زعموا: أن الله في كل مكان. وأنكروا أن يكون الله سبحانه فوق عرشه كما أخبر هو عن نفسه (قل أأنتم اعلم أم الله) (البقرة: 140)، فظنوا أن ذلك معناه تشبيه الله بخلقه.
قال شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمة الحراني رحمه الله تعالى وغفر له:
وهؤلاء النفاة كثيرا ما يتكلمون بالأوهام والخيالات الفاسدة، ويصفون الله بالنقائص والآفات، ويمثلونه بالمخلوقات، بل بالناقصات، بل بالمعدومات، بل بالممتنعات، فكل ما يضيفونه إلى أهل الاثبات الذين يصفونه بصفات الكمال، وينزهونه عن النقائص والعيوب، وأن يكون له في شئ من صفاته كفو أو سمي، فما يضيفونه إلى هؤلاء من زعمهم أنهم يحكمون بموجب الوهم والخيال الفاسد، أو أنهم يصفون الله بالنقائص والعيوب. أو انهم يشبهونه بالمخلوقات، هو بهم أخلق، وهو بهم أعلق، وهم به أحق، فإنك لا تجد أحدا سلب الله ما وصف به نفسه من صفات الكمال، إلا وقوله يتضمن لوصفه بما يستلزم ذلك من النقائص والعيوب ولمثيله بالمخلوقات، وتجده قد توهم وتخيل أوهاما وخيالات فاسدة غير مطابقة بنى عليها قوله من جنس هذا الوهم والخيال، وأنهم يتوهمون ويتخيلون أنه إذا كان من فوق العرش كان محتاجا إلى العرش، كما أن الملك إذا كان فوق كرسيه كان محتاجا إلى كرسيه.
وهذا عين التشبيه الباطل، القياس الفاسد، ووصف الله بالعجز والفقر إلى الخلق، وتوهم أن استواء المخلوق، أو لا يعلمون أن الله يجب أن نثبت له صفات الكمال، وننفي عنه مماثلة المخلوقات؟ وأنه (ليس كمثله شئ (الشورى: 11) لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله؟
فلا بد من تنزيهه عن النقائص والآفات ومماثلة شئ من المخلوقات، وذلك
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 11 12 13 14 15 16 ... » »»