وغيرهم من الملل، غاظهم تقدم الإسلام وعلوه علي الوثنيات والمعتقدات القديمة البائدة، وهالهم غزو الإسلام لهم في عقر دورهم، ودخول الناس فيه أفواجا أفواجا.
ورأوا أن الإسلام لا يواجه ولا يجابه وجها لوجه، فاختاروا أن يعلموا في الخفاء بين المسلمين، فدخلوا فيه مستترين، محافظين بذلك على أرواحهم من القتل، مخادعين لله ورسوله والذين آمنوا، وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون.
ورأوا أن قوة المسلمين، تكمن في عقيدتهم التي يحملونها في صدورهم، والتي يبذلون أرواحهم رخيصة من أجلها، فبدأوا بحربها وغزوها.
ففسروا نصوص العقائد بما يتوافق مع أهوائهم، لا كما فسرها سلفا لأمة الأوائل، ومزجوا الإسلام بما كان عندهم من فلسفات ووثنيات وخرافات، وفسروا النصوص ولووا أعناق الآيات والأحاديث للتوافق مع معتقداتهم القديمة ولا تصطدم معها، وقالوا إن ظواهر الكتاب والسنة غير مرادة، فأولوا ونفوا وعطلوا وشبهوا وحرفوا وبل وصل الأمر بمن تبع طريقهم وانخدع بهم، أن بدع وكفر من خالفهم وتمسك بما كان عليه أول هذه الأمة.
ولكن الله سبحانه ناصر دينه، فقد قيض لهؤلاء من يرد عليهم ويلقمهم الحجارة، ويبين للناس ظلالهم وكفرهم ويتبرأ منهم ومن نهجهم، من أول يوم خرجوا على الناس فيه بأقاويلهم الباطلة.
فقد جاء في صحيح مسلم 8 أن يحيى بن يعمر قال لعبد الله بن عمر بن الخطاب: أبا عبد الرحمن! إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرءون القرآن ويتقفرون العلم وذكر من شأنهم وأنهم يزعمون أن لا قدر، وأن الامر أنف، قال:
فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم، وأنهم برآء مني، والذي يحلف به عبد الله بن عمر! لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه، ما قبل الله منه حتى