وكان دقيقا في أداء ما سمعه، فإذا أراد أن يعرف برجل بين ذلك بقوله يعنى " فلان " كما في (105 ة عن الكلبي - يعنى (أبا جناب).
ولم يتعرض للرجال بجرح أو تعديل إلا في موطن واحد (139) حيث قال: حدثني الوليد بن سفيان العطاردي البصري وكان ثقة. وقد أحسن الصنيع وذلك لأنني لم أجد من ذكره، ولولا أنه وثقه لكان في عداد المجهولين، ورأيه معتبر عند الأئمة في هذا الشأن كما سبق بيانه.
وكذلك الحال في شرح الغامض في المتن فإنه لم يحصل إلا مرة واحدة في (95) فقد شرح الكلمات المجملة والصعبة بما نقل عن الحسن بن جمهور ثم شرح هو كلمتين فقط وكل هذا بعد أن ساق الأثر بتمامه.
ولم يتعرض للروايات التي ساقها بنقد أو تقييم وإنما أوردها كما سمعها من شيوخه. والأصل في هذا أن من أسند إليك فقد أحالك.
وتظهر شخصية ابن أبي الدنيا في نقده الخفي للأحاديث والآثار والمرويات وذلك لأنه اختار هذه المرويات من مجموع مروياته الضخمة جدا ومحصها من بين كثير من الروايات الضعيفة والموضوعة سيما وهي كثيرة في هذا الباب.
كما ظهرت شخصية ابن أبي الدنيا الحديثية واضحة في تبويبه وسعة مروياته وكثرة طرقه، وأسلوبه الذكي في تكرارها أحيانا.
ومن هذا العرض يتضح لنا أن ابن أبي الدنيا صاحب منهجية راقية في التأليف، شأنه في ذلك شأن العلماء الأجلاء والمحدثين العظماء.
* * *