عمدة القاري - العيني - ج ٢٥ - الصفحة ٣٩
عن موضع أو جبل. قوله: حدثا أي: بدعة أو ظلما. قوله: لعنة الله المراد باللعنة هنا البعد عن الجنة أول الأمر بخلاف لعنة الكفار فإنها البعد عنها كل الإبعاد أولا وآخرا. قوله: صرفا ولا عدلا الصرف الفريضة والعدل النافلة، وقيل بالعكس. قوله: وإذا فيها ذمة المسلمين أي: في الصحيفة، ويروى: فيه، أي: في الكتاب، والذمة العهد والأمان يعني أمان المسلم للكافر صحيح، والمسلمون كنفس واحدة فيعتبر أمان أدناهم من العبد والمرأة ونحوهما. قوله: فمن أخفر أي: نقض عهده قوله: والى أي: نسب نفسه إليهم كانتمائه إلى غير أبيه أو انتمائه إلى غير معتقه وذلك لما فيه من كفر النعمة وتضييع حقوق الإرث والولاء وقطع الرحم ونحوه، ولفظ: بغير إذن مواليه ليس لتقييد الحكم به، وإنما هو إيراد الكلام على ما هو الغالب.
7301 حدثنا عمر بن حفص، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، حدثنا مسلم، عن مسروق قال: قالت عائشة، رضي الله عنها: صنع النبي شيئا ترخص فيه وتنزه عنه قوم فبلغ ذالك النبي فحمد الله ثم قال: ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه؟ فوالله إني أعلمهم بالله وأشدهم له خشية.
انظر الحديث 6101 مطابقته للجزء الأول للترجمة تؤخذ من قوله: ترخص فيه وتنزه عنه قوم لأن تنزيههم عما رخص فيه النبي تعمق.
والثلاثة الأول من رجال الحديث قد ذكروا الآن، ومسلم قال الكرماني: يحتمل أن يكون ابن صبيح مصغر الصبح ويحتمل أن يكون ابن أبي عمران البطين بفتح الباء الموحدة لأنهما يرويان عن مسروق والأعمش يروي عنهما. وقال غيره: هو مسلم بن صبيح أبو الضحى مشهور بكنيته أكثر من اسمه، وقد وقع عند مسلم مصرحا به في رواية جرير عن الأعمش فقال: عن أبي الضحى به، قلت: وكذا نص عليه الحافظ المزي، فقال: مسلم بن صبيح أبو الضحى عن مسروق عن عائشة، ثم ذكر الحديث المذكور.
وقد مضى الحديث في الأدب في: باب من لم يواجه بالعتاب.
قوله: صنع النبي شيئا فرخص فيه أي: أسهل فيه مثل الإفطار في بعض الأيام والصوم في بعضها من غير رمضان، ومثل التزوج وتنزه قوم عنه أي: احترزوا عنه بأن سردوا الصوم واختاروا العزوبة، وأشار ابن بطال إلى أن الذي تنزهوا عنه القبلة للصائم، وقال الداودي: التنزه عما رخص فيه الشارع من أعظم الذنوب لأن هذا يرى نفسه أتقى في ذلك من رسوله، وهذا إلحاد. وكذا قال ابن التين: ولا شك أنه إلحاد إذا اعتقد ذلك قوله: أعلمهم بالله إشارة إلى القوة العلمية، وأشدهم خشية إلى القوة العملية، أي: هم يتوهمون أن رغبتهم عما فعلت أفضل لهم عند الله، وليس كما توهموا، إذ أنا أعلمهم بالأفضل وأولاهم بالعمل.
7302 حدثني محمد بن مقاتل، أخبرنا وكيع، عن نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة قال: كاد الخيران أن يهلكا أبو بكر وعمر لما قدم على النبي وفد بني تميم أشار أحدهما بالأقرع بن حابس التيمي الحنظلي أخي بني مجاشع، وأشار الآخر بغيره، فقال أبو بكر لعمر: إنما أردت خلافي فقال عمر: ما أردت خلافك. فارتفعت أصواتهما عند النبي فنزلت * (ياأيها الذين ءامنوا لا ترفعو 1764; ا أصواتكم فوق صوت النبى ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون) * إلى قوله * (عظيم) *.
قال ابن أبي مليكة: قال ابن الزبير: فكان عمر بعد ولم يذكر ذالك عن أبيه يعني: أبا بكر إذا حدث النبي بحديث حدثه كأخي السرار لم يسمعه حتى يستفهمه.
مطابقته للجزء الثاني وهو التنازع في العلم تؤخذ من قوله: فارتفعت أصواتهما أي: أصوات أبي بكر وعمر، رضي الله
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»