عمدة القاري - العيني - ج ٢٥ - الصفحة ٣٨
من طرق الحديث الذي يورده، وهنا كذلك.
ومضى في حديث أنس في كتاب التمني قال: واصل النبي، آخر الشهر وواصل أناس من الناس، فبلغ النبي، فقال: لو مد بي الشهر لواصلت وصالا يدع المتعمقون تعمقهم، إني لست مثلكم، إني أظل يطعمني ربي ويسقيني، فإن هذا يطابق الترجمة، وحديث الوصال واحد وإن كان رواية الصحابة متعددة، وقد رواه في كتاب الصيام في ثلاثة أبواب عن أنس وابن عمر وابن سعيد وعن عائشة وأبي هريرة، وحديث الباب رواه في: باب التنكيل لمن أكثر الوصال، أخرجه هناك عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وهنا أخرجه عن عبد الله بن محمد المعروف بالمسندي عن هشام بن يوسف اليماني قاضيها، عن معمر بفتح الميمين ابن راشد عن محمد بن مسلم الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف.
قوله: لا تواصلوا أي: في الصوم. قوله: إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني قيل: إذا كان يطعمه الله لا يكون مواصلا بل مفطرا. وأجيب: بأن المراد بالإطعام لازمه وهو التقوية، أو المراد من طعام الجنة وهو لا يفطر آكله، قوله: فلم ينتهوا عن الوصال قيل: لم خالفوا النهي؟ وأجيب: بأنهم ظنوا أنه ليس للتحريم. قوله: لزدتكم أي: في المواصلة حتى تعجزوا عنه وعن سائر الطاعات. قوله: كالمنكل أي: كالمعاقب من التنكيل وهو التعذيب ومنه النكال، هكذا رواية الأكثرين والكشميهني، ويروى: كالمنكي، بضم الميم وسكون النون وبعد الكاف ياء آخر الحروف ساكنة من النكاية والإنكاء وهو رواية أبي ذر عن السرخسي، وعن المستملي: كالمنكر، من الإنكار، ومضى في كتاب الصوم من طريق شعيب عن الزهري: كالتنكيل لهم حين أبو أن ينتهوا.
7300 حدثنا عمر بن حفص بن غياث، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، حدثني إبراهيم التيمي حدثني أبي قال: خطبنا علي، رضي الله عنه، على منبر من آجر وعليه سيف فيه صحيفة معلقة، فقال: والله، ما عندنا من كتاب يقرأ إلا كتاب الله وما في هذه الصحيفة، فنشرها فإذا فيها أسنان الإبل، وإذا فيها: المدينة حرم من عير إلى كذا، فمن أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا؛ وإذا فيه: ذمة المسلمين واحدة يسعاى بها أدناهم، فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا، وإذا فيها: من والى قوما بغير إذن مواليه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا.
ا مطابقته للترجمة ما قاله الكرماني: لعله استفاد من قول علي، رضي الله تعالى عنه، تبكيت من تنطع في الكلام وجاء بغير ما في الكتاب والسنة، وقال بعضهم: الغرض من إيراد الحديث هنا لعن من أحدث حدثا فإنه وإن قيد في الخبر بالمدينة فالحكم عام فيها وفي غيرها إذا كان من متعلقات الدين. انتهى. قلت: الذي قاله الكرماني هو المناسب لألفاظ الترجمة، والذي قاله هذا القائل بعيد من ذلك يعرف بالتأمل.
وشيخ البخاري يروي عن أبيه حفص بن غياث بالغين المعجمة والثاء المثلثة عن سليمان الأعمش عن إبراهيم التيمي، وإبراهيم يروي عن أبيه يزيد بن شريك التيمي.
والحديث مضى في آخر الحج في: باب حرم المدينة، ومضى الكلام مستوفى فيه، ولنذكر بعض شيء لبعد المسافة.
قوله: من آجر قال الكرماني: الآجر بالمد وضم الجيم وتشديد الراء معرب، وقال الجوهري: الآجر الذي يبنى به فارسي معرب، ويقال أيضا: آجور، على وزن فاعول. وقال في باب الدال: الترميد الآجر. قلت: في لغة أهل مصر هو الطوب المشوي. قوله: أسنان الإبل أي: إبل الديات لاختلافها في العمد والخطأ. وشبه العمد. قوله: عير بفتح العين المهملة وسكون الياء آخر الحروف وبالراء جبل بمكة. قوله: إلى كذا كناية
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»