عمدة القاري - العيني - ج ٢٥ - الصفحة ١٤٣
هذا الحديث قد مضى قبل هذا الباب عن قريب أخرجه عن يحيى عن وكيع عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة بن عبد الله، وهنا أخرجه عن موسى بن إسماعيل البصري الذي يقال له التبوذكي، و عبد الواحد هو ابن زياد يروي عن سليمان الأعمش عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن قيس عن عبد الله بن مسعود.
قوله: في بعض حرث أي: زرع، ويروى: في خرب، بفتح الخاء المعجمة وكسر الراء وقد تقدم هذا عن قريب. قوله: سلوه عن الروح اختلفوا في الروح المسؤول عنها، فقيل: هي الروح التي تقوم بها الحياة، وقيل: الروح المذكورة في قوله تعالى: * (يوم يقوم الروح والملائكة صفا) * والأول هو الظاهر. قوله: * (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) * كذا في رواية الأكثرين، وفي رواية الكشميهني * (وما أوتيتم) * على وفق القراءة المشهورة ويؤيد الأول قول الأعمش: هكذا في قراءتنا وقال ابن بطال: غرضه الرد على المعتزلة في زعمهم أن أمر الله مخلوق، فبين أن الأمر هو قوله تعالى للشيء: * (كن فيكون) *، وغيرها بأمره له فإن أمره وقوله بمعنى واحد، وإنه بقول: كن، حقيقة وإن الأمر غير الخلق لعطفه عليه بالواو في قوله: * (ألا له الخلق والأمر) * 30 ((باب قول الله تعالى: * (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربى لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربى ولو جئنا بمثله مددا) * * (ياأيها النبى إنآ أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا) * * (إن ربكم الله الذى خلق السماوات والارض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشى اليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والامر تبارك الله رب العالمين) *)) هذا باب في قول الله عز وجل... الخ قوله تعالى: * (قل لو كان البشر) * ساق الآية كلها في رواية كريمة، وفي رواية أبي زيد المروزي * (قل لو كان البشر مدادا لكلمات ربي) * إلى آخر الآية، وسبب نزوله أن اليهود قالوا: لما نزل قوله آ أ ؤ إ ئ ا 0 الإسراء: 85 ف كيف وقد أوتينا التوراة وفيها علم كل شيء، فنزلت هذه الآية، والمعنى: لو كان البحر مدادا للقلم والقلم يكتب لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي لأنها أعظم من أن يكون لها أمد لأنها صفة من صفات ذاته، فلا يجوز أن يكون لها غاية ومنتهى. وأخرج عبد الرزاق في تفسيره من طريق أبي الجوزاء: لو كان كل شجرة في الأرض أقلاما والبحور مدادا لنفد الماء وتكسرت الأقلام قبل أن تنفد كلمات الله تعالى، وعن معمر عن قتادة: إن المشركين قالوا في هذا القرآن: يوشك أن ينفد، فنزلت، والنفاد الفراغ وسمي المداد مدادا لإمداده الكاتب، وأصله من الزيادة. فإن قلت: الكلمات لأقل العدد وأقلها عشرة فما دونها، فكيف جاء هنا؟ قلت: العرب تستغني بالجمع القليل عن الكثير وبالعكس. قال تعالى: * (وهم في الفرقان آمنون) * وغرف الجنة أكثر من أن تحصى. قوله: أي: بمثل البحر زيادة. فإن قلت: قال في أول الآية: مدادا، وفي آخرها: مددا، وكلاهما بمعنى واشتقاقهما غير مختلف؟ قلت: لأن الثانية آخر الآية، فروعي فيها السجع وهو الذي يقال في القرآن الفواصل، وقرأ ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة: مدادا مثل الأول.
قوله: * (ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام) * الآية، وسبب نزول هذه الآية أن المشركين قالوا: القرآن كلام قليل يوشك أن ينفد، فنزلت، ومعنى الآية: لو كان شجر الأرض أقلاما وكان البحر ومعه سبعة أبحر مدادا ما نفدت كلمات الله، وقيل: فيه حذف تقديره: فكتبت بهذه الأقلام وهذه الأبحر كلمات الله تعالى لتكسرت الأقلام ونفدت البحور ولم تنفد كلمات الله. قوله: * (من بعده) * أي: من خلفه تكتب. وقال أبو عبيدة: البحر هنا العذب فأما الملح فلا تثبت فيه الأقلام.
قوله: * (إن ربكم الله الذي خلق السماوات) * الآية بين الله عز وجل أن المنفرد بقدرة الإيجاد هذا الذي يجب أن يعبد دون غيره، واختلفوا أي يوم بدأ بالخلق على ثلاثة أقوال: أحدها: يوم السبت، كما جاء في صحيح مسلم والثاني: يوم الأحد، قاله عبد الله بن سلام وكعب والضحاك ومجاهد واختاره ابن جرير الطبري، وبه يقول أهل التوراة. الثالث: يوم الاثنين، قاله إسحاق وبه يقول أهل الإنجيل، ومعنى
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»