عمدة القاري - العيني - ج ٢٣ - الصفحة ٧٩
الجزء الأول من الترجمة من لفظ حديث الباب، وقال بعضهم: هذا لفظ حديث أخرجه مسلم بنحوه من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة بلفظ: (انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم).
قلت: هذا أليس كلفظ حديث مسلم، بل هو في المعنى مثله.
وإسماعيل هو ابن أبي أويس، وأبو الزناد عبد الله، والأعرج عبد الرحمن، وقد ذكرا عن قريب. والحديث من أفراده.
قوله: (من فضل) على بناء المجهول. قوله: (والخلق) قال الكرماني: بفتح المعجمة الصورة أو الأولاد والاتباع، وكل ما يتعلق بزينة الحياة الدنيا. قوله: (فلينظر إلى من هو أسفل منه) ليسهل عليه نقصانه ويفرح بما أنعم الله عليه ويشكر عليه، وأما في الدين وما يتعلق بالآخرة فلينظر إلى من هو فوقه لتزيد رغبته في اكتساب الفضائل.
13 ((باب من هم بحسنة أو بسيئة)) أي: هذا باب يذكر فيه من هم بحسنة، الهم ترجيح قصد الفعل، تقول: هممت بكذا أي: قصدته بهمتي وهو فوق مجرد خطور الشيء بالقلب.
1946 حدثنا أبو معمر حدثنا عبد الوارث حدثنا جعد أبو عثمان حدثنا أبو رجاء العطاردي عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه عز وجل، قال: (قال إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذالك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة).
مطابقته للترجمة في قوله: (فمن هم بحسنة) وقوله: (ومن هم بسيئة).
وأبو معمر عبد الله بن عمرو بن الحجاج المنقري بكسر الميم وسكون النون، وفتح القاف، وعبد الوارث هو ابن سعيد، وجعد بفتح الجيم وسكون العين المهملة ابن دينار ، وكنيته أبو عثمان الرازي، وأبو رجاء بالمد وبالجيم اسمه عثمان بن تميم العطاردي وهؤلاء كلهم بصريون.
والحديث أخرجه مسلم في الإيمان عن شيبان بن فروخ وغيره. وأخرجه النسائي في النعوت وفي الرقائق عن قتيبة.
قوله: (عن النبي صلى الله عليه وسلم) وفي رواية الإسماعيلي عن مسدد: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: (فيما يروي عن ربه) هذا لبيان أنه من الأحاديث القدسية، أو بيان ما فيه من الإسناد الصريح إلى الله تعالى حيث قال: قوله: (إن الله قد كتب) أو بيان الواقع وليس فيه أن غيره ليس كذلك، بل فيه أن غيره كذلك، لأنه صلى الله عليه وسلم، ما ينطق عن الهوى، أو المعنى في جملة ما يرويه أنه عز وجل كتب الحسنات أي قدرها وجعلها حسنة، وكذلك السيئات قدرها وجعلها سيئة. وقال الكرماني: وفيه دلالة على بطلان قاعدة الحسن والقبح العقليين وأن الأفعال ليست بذواتها قبيحة أو حسنة، بل الحسن والقبح شرعيان حتى لو أراد الشارع التعكيس والحكم بأن الصلاة قبيحة والزنا حسن كان له ذلك، خلافا للمعتزلة فإنهم قالوا: الصلاة في نفسها حسنة والزنا في نفسه قبيح، والشارع كاشف مبين لا مثبت وليس له تعكيسها. قوله: (ثم بين ذلك) أي: ثم بين الله عز وجل الذي كتب من الحسنات والسيئات. قوله: (فمن هم) بيان ذلك بفاء الفصيحة. قوله: (فلم يعملها) أي: فلم يعمل الحسنة التي هم بها قوله: (كتبها الله له عنده) أي: كتب الله تلك الحسنة التي هم بها، وقيل: أمر الحفظة بأن تكتب ذلك، وقيل: قدر ذلك وعرف الكتبة من الملائكة ذلك التقدير. وقوله: (عنده) أي: عند الله، وهذه إشارة إلى الشرف. قوله: (كاملة) إشارة إلى رفع توهم نقصها لكونها نشأت عن الهم المجرد، وقال النووي: أشار بقوله: عنده، إلى مزيد الاعتناء به. وبقوله: كاملة، إلى تعظيم الحسنة وتأكيد أمرها، وعكس ذلك في السيئة فلم يصفها بكاملة بل أكدها بقوله: (واحدة) إشارة إلى تحقيقها مبالغة في الفضل والإحسان. قوله: (فإن هو هم بها)، أي:
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»