مع الاحتمال الذي ذكره. قوله: (فإذا رجل قائم) وقع المبتدأ هنا نكرة لأن وقوعه هنا بعد إذا، المفاجأة من المخصصات كما في قولك: خرجت فإذا سبع. قوله: (أي عبدي) يعني: يا عبدي. قوله: (أو فرق) هو شك من الراوي وهو بفتح الفاء والراء وبالقاف الخوف. قوله: (فما تلافاه أن رحمه) كلمة: ما، موصولة، وكلمة: أن، مصدرية أي: الذي تلافاه أي: تداركه بأن رحمه، أي: بالرحمة، والضمير المنصوب في تلافاه يرجع إلى عمل الرجل ويجوز أن يكون: ما، نافية، وكلمة الاستثناء محذوفة على مذهب من يجوز حذفها، أي: ما تلافاه إلا أن رحمه.
قوله: (فحدثت أبا عثمان) قال الكرماني: القائل: بحدثت، قتادة، وقال بعضهم: هو سليمان والد المعتمر.
قلت: الذي يظهر أن قول الكرماني هو الصواب فلينظر فيه، وأبو عثمان هو عبد الرحمن بن مل النهدي بالنون المفتوحة. قوله: (فقال) أي: أبو عثمان: قوله: (سمعت هذا من سلمان) أي: الفارسي، وحذف المسموع منه الذي استثنى منه ما ذكر، والتقدير: سمعت سلمان يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثل هذا الحديث، غير أنه زاد قوله: (أو كما حدث) شك من الراوي يشير به إلى أنه معنى حديث أبي سعيد لا بلفظه كله.
وقال معاذ: حدثنا شعبة عن قتادة: سمعت عقبة سمعت أبا سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أي: قال معاذ بن التميمي، وهذا التعليق وصله مسلم: حدثني عبيد الله بن معاذ العنبري حدثنا أبي حدثنا شعبة عن قتادة سمع عقبة بن عبد الغافر يقول، سمعت أبا سعيد الخدري يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن رجلا فيمن كان قبلكم راشه الله مالا وولدا، فقال لولده: لتفعلن ما آمركم به أو لأولين ميراثي غيركم، إذا أنا مت فأحرقوني، وأكبر علمي أنه قال: ثم اسحقوني فاذروني في الريح، فإني لم ابتهر عند الله خيرا، وأن الله يقدر على أن يعذبني. قال: فأخذ منهم ميثاقا ففعلوا ذلك به وربي، فقال الله: ما حملك على ما فعلت؟ قال: مخافتك، فما تلافاه غيرها. انتهى. أي: ما تداركه غير المخافة.
62 ((باب الانتهاء عن المعاصي)) أي: هذا باب في بيان وجوب الانتهاء عن المعاصي أي: تركها أصلا. والإعراض عنها بعد الوقوع فيها.
حدثنا محمد بن العلاء حدثنا أبو أسامة عن بريد بن عبد الله بن أبي بردة عن أبي بردة عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثلي ومثل ما بعثني الله كمثل رجل أتى قوما فقال: رأيت الجيش بعيني وإني أنا النذير العريان، فالنجاء النجاء، فأطاعته طائفة فأدلجوا على مهلهم، فنجوا، وكذبته طائفة فصبحهم الجيش فاجتاحهم).
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه الإنذار عن الوقوع في المعاصي والانتهاء عنها.
ومحمد بن العلاء بن كريب أبو كريب الكوفي وهو شيخ مسلم أيضا، وأبو أسامة حماد بن أسامة الليثي، وبريد بضم الباء الموحدة مصغر برد ابن عبد الله بن أبي بردة بضم الباء الموحدة واسمه عامر، وقيل: الحارث، وبريد هذا يروى عن جده أبي بردة بن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله تعالى عنه.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الاعتصام. وأخرجه مسلم في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: (مثلي) المثل بفتحتين الصفة العجيبة الشأن يوردها البليغ على سبيل الشبه لإرادة التقريب والتفهيم.
قوله: (ومثل ما بعثني الله) العائد محذوف تقديره: ما بعثني الله به إليكم. قوله: (قوما) التنكير فيه للشيوع. قوله: (الجيش) اللام فيه للعهد. قوله: (بعيني) بالتثنية وهي رواية الكشميهني، وفي رواية غيره بالإفراد. قوله: (وأنا النذير العريان) أي: المنذر الذي تجرد عن ثوبه وأخذه يرفعه ويديره حول رأسه، علاما لقومه بالغارة. وقال ابن بطال: النذير العريان رجل من خثعم حمل عليه رجل يوم ذي الخلصة فقطع يده ويد امرأته فانصرف إلى قومه فحذرهم فضرب به المثل في تحقق الخبز. وقال ابن السكيت: اسم الرجل الذي حمل عليه عوف بن عامر اليشكري، والمرأة كانت من بني كنانة، وتنزيل هذه القصة على لفظ الحديث بعيد لأنه ليس