البخاري، وبينه وبين البخاري محمد بن عبد الرحيم صاعقة وليس لداود في كتاب البخاري غير هذا الحديث الواحد.
قوله: (حتى فرجة) بالنصب قال الكرماني ولم يبين وجهه، وقال بعضهم: حتى، ههنا عاطفة لوجود شرائط العطف فيها فيكون فرجه بالنصب.
قلت: هو أيضا ما بين شرائط العطف ما هي؟ فأقول: حتى، إذا كانت عاطفة تكون كالواو وإلا أن بينهما فرقا من ثلاثة أوجه: أحدها: أن المعطوف بحتى له ثلاثة شروط: أحدها: أن يكون ظاهرا لا مضمرا. والثاني: إما أن يكون بعضا من جمع قبلها كقدم الحجاج حتى المشاة، أو جزءا من كل نحو: أكلت السمكة حتى رأسها، أو كجزء نحو: أعجبتني الجارية حتى حديثها. ويمتنع أن يقال: حتى ولدها. والثالث: أن يكون غاية لما قبلها إما بزيادة أو نقص. فالأول: نحو: مات الناس حتى الأنبياء، والثاني: نحو: زارك الناس حتى الحجامون، والشروط الثلاثة موجودة هنا أما الأول: فهو قوله: رقبة، فإنه ظاهر منصوب وأما الثاني: فإن الفرج جزء مما قبله. وأما الثالث: فإن قوله: فرجة، غاية لما قبلها بزيادة، واعلم أن أهل الكوفة ينكرون العطف بحتى البتة ولهم في هذا دلائل مذكورة في موضعها، ووقوع العطف بحتى عند الجمهور أيضا قليل. فافهم. وبعض الشراح ذكر هنا كلاما لا يشفي العليل ولا يروي الغليل.
7 ((باب عتق المدبر وأم الولد والمكاتب في الكفارة وعتق ولد الزنا)) أي: هذا باب في بيان حكم المدبر وأم الولد... إلى آخره، ولم يبين حكمه على عادته كما ذكرنا غير مرة.
وقال طاووس: يجزيء المدبر وأم الولد أي: قال طاووس بن كيسان الخولاني الهمداني: يجوز عتق المدبر وأم المولد في الكفارة، وروى هذا الأثر ابن أبي شيبة بإسناد فيه لين، ووافق طاووسا في المدبر الحسن وإبراهيم في أم الولد، وخالفه في المدبر الزهري والشعبي وإبراهيم.
واختلف الفقهاء في هذا الباب فقال مالك: لا يجوز أن يعتق في الرقاب الواجبة مكاتب ولا مدبر ولا أم ولد ولا المعلق عنقه، وقال أبو حنيفة والأوزاعي: إن كان المكاتب أدى شيئا من كتابته فلا يجوز وإلا جاز، وبه قال الليث وأحمد وإسحاق، وقال الشافعي وأبو ثور: يجوز عتق المدبر، وأما عتق أم الولد فلا يجوز في الرقاب الواجبة عند أبي حنيفة ومالك والشافعي وأبو ثور، وعليه فقهاء الأمصار، وأما عتق ولد الزنا في الرقاب الواجبة فيجوز، روي ذلك عن عمر وعلي وعائشة وجماعة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وبه قال سعيد بن المسيب والحسن وطاووس وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو عبيد، وقال عطاء والشعبي والنخعي والأوزاعي: لا يجوز عتقه. فإن قلت: روي عن أبي هريرة مرفوعا أنه شر الثلاثة.
قلت: روي عن ابن عباس وعائشة إنكار ذلك، وقال ابن عباس: لو كان شر الثلاثة (وانتظر الحاكم) بأمه حتى تضعه. وقالت عائشة: ما عليه من ذنب أبويه شيء. ثم قرأت * (ولا تزر وازرة وزر أخرى) * (الأنعام: 461 وغيرها).
6176 حدثنا أبو النعمان أخبرنا حماد بن زيد عن عمرو عن جابر: أن رجلا من الأنصار دبر مملوكا له ولم يكن له مال غيره، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (من يشتريه مني؟) فاشتراه نعيم النحام بثمانمائة درهم، فسمعت جابر بن عبد الله يقول: عبدا قبطيا مات عام أول.
قال الكرماني كيف دل الحديث على الترجمة؟ ثم قال: إذا جاز بيع المدبر جاز إعتاقه، وقاس الباقي عليه. وقال بعضهم: أشار بالترجمة إلى أنه إذا جاز بيعه جاز ما ذكر معه بطريق الأولى.
قلت: كلام الكرماني له وجه ما لأنه قال: إذا جاز بيع المدبر جاز إعتاقه، وقد علم أنه ممن يجوز بيع المدبر. وأما كلام هذا القائل فلا وجه له أصلا لأنه قال: أشار في الترجمة إلى أنه إذا جاز بيعه.. إلى آخره، فسبحان الله! في أي موضع أشار في الترجمة أنه أجاز بيعه حتى يبني عليه جواز العتق؟ على أن كلام الكرماني