عمدة القاري - العيني - ج ٢٣ - الصفحة ٢١٨
0176 حدثنا محمد بن محبوب حدثنا عبد الواحد حدثنا معمر عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمان عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت. فقال: (وما ذاك؟) قال: وقعت بأهلي في رمضان. قال: (تجد رقبة؟) قال: لا. قال: (هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين) قال: لا. قال: (فتستطيع أن تطعم ستين مسكينا؟) قال: لا. قال: فجاء رجل من الأنصار بعرق، والعرق المكتل فيه تمر، فقال: (إذهب بهذا فتصدق به) قال: على أحوج منا يا رسول الله؟ والذي بعثك بالحق ما بين لابتيها أهل بيت أحوج منا، ثم قال: (اذهب فأطعمه أهلك).
هذا طريق آخر في حديث أبي هريرة ترجم له بالترجمة المذكورة.
وأخرجه عن محمد بن محبوب البصري عن عبد الواحد بن زياد العبدي عن معمر بفتح الميمين ابن راشد عن الزهري إلى آخره.
قوله: (ما بين لابتيها) تثنية: لابة، بتخفيف الباء الموحدة وهي الحرة يعني: بين طرفي المدينة والحرة بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء: أرض ذات حجارة سود.
4 ((باب يعطي في الكفارة عشرة مساكين قريبا كان أو بعيدا)) أي: هذا باب مترجم بقوله: يعطي في الكفارة. أي: في كفارة اليمين عشرة مساكين، كما في نص القرآن. قوله: قريبا أي: سواء كانت المساكين قريبة أو بعيدة، وإنما قال: قريبا أو بعيدا بالتذكير إما باعتبار لفظ: مساكين، فلذلك قال: كان ولم يقل: كانت ولا كانوا، وإما باعتبار أن فعيلا يستوي فيه التذكير والتأنيث، كما في قوله تعالى: * (إن رحمة الله قريب من المحسنين) * (الأعراف: 65) قيل: لا وجه لذكر العشرة هنا، لأنها في كفارة اليمين، وحديث الباب في كفارة الوقاع، فلا يطابق الحديث الترجمة. وأجاب المهلب بما حاصله: أن حكم العشرة مساكين في كفارة اليمين مبهمة من حيث لم يذكر فيه قريب ولا بعيد، وجاء في كفارة الوقاع في حديث الباب: (أطعمه أهلك) وهو مفسر، والمفسر يقضي على المجمل، وقاس كفارة اليمين على كفارة الجماع في إجازة الصرف على الأقرباء لأنه إذا جاز إعطاء الأقرباء فالبعداء أجوز. انتهى.
قلت: هذا إنما يمشي إذا حمل قوله: (أطعمه أهلك) على وجه الكفارة لا على وجه الصدقة، لأنه لا يجوز أن يعطي الكفارة أحدا من أهله إذا كان ممن يلزمه نفقته، وأما إذا كان ممن لا يلزمه نفقته فيجوز. وقال الكرماني: وقيل: لعل أهله كانوا عشرة، وليس بشيء.
1176 حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا سفيان عن الزهري عن حميد عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت! قال: (وما شأنك؟) قال وقعت على امرأتي في رمضان. قال: (هل تجد ما تعتق رقبة؟) قال: لا. قال: (فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟) قال: لا. قال: (فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكينا؟) قال: لا أجد، فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر فقال: (خذ هاذا فتصدق به) فقال: أعلى أفقر منا؟ ما بين لابتيها أفقر منا. ثم قال: (خذه فأطعمه أهلك).
هذا طريق آخر في حديث أبي هريرة السابق أخرجه عن عبد الله بن مسلمة القعنبي عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة، وقد مر الكلام فيه.
5 ((باب صاع المدينة ومد النبي صلى الله عليه وسلم وبركته وما توارث أهل المدينة من ذالك قرنا بعد قرن)) أي: هذا باب في بيان صاع مدينة النبي صلى الله عليه وسلم، وأشار بذلك إلى وجوب الإخراج في الواجبات بصاع أهل المدينة، لأن التشريع وقع أولا على ذلك حتى زيد فيه في زمن عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه، على ما يجيء. قوله: (ومد
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»