عمدة القاري - العيني - ج ٢٣ - الصفحة ٢١٧
وكان يتناثر القمل من رأسه.
قوله: (وأخبرني) عطف على مقدر أي: قال أبو شهاب: أخبرني فلان كذا، وأخبرني ابن عون عن أيوب السختياني أن المراد بالصيام ثلاثة أيام وبالنسك شاة وبالصدقة إطعام ستة مساكين.
2 ((باب قول الله تعالى: * (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم) * (التحريم: 2) متى تجب الكفارة على الغني والفقير)) أي: هذا باب في ذكر قول الله عز وجل: * (قد فرض الله لكم) *... الآية، وفي بعض النسخ: باب متى تجب الكفارة على الغني والفقير. وقول الله عز وجل: * (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) * إلى قوله: * (العليم الحكيم) * كذا في رواية أبي ذر، ولغيره: باب قول الله... وساقوا الآية، وبعدها: متى تجب الكفارة على الغني والفقير، كما في نسختنا، وقد سقط ذكر الآية عند البعض. وقال الكرماني: المناسب أن يذكر هذه الآية في أول الباب الذي قبله.
قلت: الأنسب أن يذكر في التفسير في سورة التحريم. قوله: (قد فرض الله) أي: قد بين * (الله لكم تحلة أيمانكم) * أي: تحليلها بالكفارة.
9076 حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان عن الزهري قال: سمعته من فيه عن حميد بن عبد الرحمان عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت. قال صلى الله عليه وسلم: (وما شأنك؟) قال: وقعت على امرأتي في رمضان. قال: (تستطيع أن تعتق رقبة؟) قال: لا. قال: (فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟) قال: لا. قال: (فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكينا؟) قال: لا. قال: (اجلس) فجلس فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر، والعرق المكتل الضخم، قال: (خذ هاذا فتصدق به) قال: أعلى أفقر مني؟ فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه. قال: (أطعمه عيالك).
مطابقته للترجمة ظاهرة. وعلي بن عبد الله هو ابن المديني، وسفيان هو ابن عيينة، والزهري محمد بن مسلم، وحميد بضم الحاء ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري.
والحديث أخرجه الجماعة. وأخرجه البخاري في مواضع: في الصوم عن أبي اليمان وفي الهبة والنذور عن محمد بن محبوب وفي الأدب عن موسى بن إسماعيل وعن القعنبي وعن محمد بن مقاتل وفي النفقات عن أحمد بن يونس وفي المحاربين عن قتيبة، ومضى الكلام فيه في الصوم.
قوله: (سمعته من فيه) أي: قال سفيان سمعته من فم الزهري، وغرضه أنه ليس معنعنا موهما للتدليس. قوله: (جاء رجل) قيل اسمه سلمة بن صخر البياضي. قوله: (هلكت) يريد بما وقع فيه من الإثم، وقد يقال: إنه واقع متعمدا. وفي الناسي خلاف، فمذهب مالك أنه لا كفارة عليه، خلافا لابن الماجشون. قوله: (وما شأنك؟) أي: وما حالك وما جرى عليك؟ قوله: (تستطيع أن تعتق رقبة؟) احتج به أبو حنيفة والشافعي على أن كفارة الوقاع مرتبة، وهو أحد قولي ابن حبيب، وعن مالك في (المدونة): لا أعرف غير الإطعام. وقال الحسن البصري: عليه عتق رقبة، أو هدي بدنة، أو عشرون صاعا لأربعين مسكينا. قوله: (فأتى) على صيغة المجهول (بعرق) بفتح العين المهملة والراء: القفة المنسوجة من الخوص. قوله: (المكتل) بكسر الميم الزنبيل الذي يسع خمسة عشر صاعا وأكثر. قوله: (أعلى أفقر مني؟) ويروى: (منا). والهمزة في (أعلى) للاستفهام. قوله: (حتى بدت) أي: ظهرت (نواجذه) بالذال المعجمة آخر الأسنان وأولها الثنايا ثم الرباعيات ثم الأنياب ثم الضواحك ثم الأرحاء ثم النواجذ. وقال الأصمعي: النواجذ الأضراس، وهو ظاهر الحديث، وقال غيره هي: الضواحك، وقال ابن فارس: الناجذ السن بين الأنياب والضرس، وقيل: الأضراس كلها النواجذ، وقيل: سبب ضحكه وجوب الكفارة على هذا المجامع وأخذه ذلك صدقة وهو غير آثم. قيل: هذا مخصوص به، وقيل: منسوخ.
3 ((باب من أعان المعسر في الكفارة)) أي: هذا باب في بيان من أعان المعسر العاجز في الكفارة الواجبة عليه.
(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 ... » »»