عمدة القاري - العيني - ج ٢٣ - الصفحة ٢٠٧
من بالصدقة والصوم إلا إذا نذر شيئا لخوف أو طمع، فكأنه لو لم يكن ذلك الشيء الذي طمع فيه أو خافه لم يسمح بإخراج ما قدره الله تعالى، ما لم يكن يفعله فهو بخيل.
3966 حدثنا خلاد بن يحياى حدثنا سفيان عن منصور أخبرنا عبد الله بن مرة عن عبد الله بن عمر قال: نهاى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر. وقال: (إنه لا يرد شيئا، ولاكنه يستخرج به من البخيل). (انظر الحديث 8066 وطرفه).
هذا طريق آخر في حديث ابن عمر أخرجه عن خلاد بن يحيى بن صفوان الكوفي، سكن مكة، يروي عن سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر عن عبد الله بن مرة بضم الميم وتشديد الراء. ومضى الحديث في القدر عن أبي نعيم.
قوله: (من البخيل) وفي رواية مسلم: من الشحيح، وفي رواية ابن ماجة: من اللئيم.
4966 حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يأتي ابن آدم النذر بشيء لم يكن قدر له، ولاكن يلقيه النذر إلى القدر قد قدر له، فيستخرج الله به من البخيل فيؤتيني عليه ما لم يكن يؤتيني عليه من قبل). (انظر الحديث 9066).
مطابقته للترجمة ظاهرة. وأبو اليمان الحكم بن نافع، وأبو الزناد بالزاي والنون عبد الله بن ذكوان، والأعرج عبد الرحمن ابن هرمز.
ورواه ابن ماجة من طريق الثوري عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة في الكفارات ولفظه: إن النذر لا يأتي ابن آدم بشيء إلا ما قدر له.
قوله: (ابن آدم) منصوب لأنه مفعول، (والنذر)، بالرفع فاعله. قوله: (لم يكن قدر له) على صيغة المجهول، والجملة صفة لقوله: (بشيء) وفي رواية لأبي ذر. لم أكن قدرته، وعلى هذا فهو في الحقيقة من الأحاديث القدسية، ولكنه ما صرح برفعه إلى الله تعالى. وفي رواية النسائي: لم أكن، وفي أواخر كتاب القدر من طريق همام عن أبي هريرة بلفظ: لم يكن قد قدرته، ويروى هنا: قدر به، بضم القاف وكسر الدال المشددة. قوله: (يلقيه) بضم الياء من الإلقاء والنذر بالرفع فاعله. قوله: (قد قدر له) على صيغة المجهول والجملة حال من القدر، وقيل: الأمر بالعكس فإن القدر يلقيه إلى النذر. وأجيب: بأن تقدير النذر غير تقدير الإنفاق فالأول يلجئه إلى النذر والنذر يوصله إلى الإيتاء والإخراج. قوله: (فيستخرج الله به من البخيل) فيه التفات على رواية: أكن قدرته، واصل الكلام أن يقال: فاستخرج به، ليوافق رواية: لم أكن قدرته. قوله: (فيؤتيني عليه) أي: فيعطيني على ذلك الأمر الذي بسببه نذر كالشفاء (ما لم يكن يؤتيني عليه من قبل) النذر، وفي رواية الكشميهني: يؤتني، بالجزم. ووجهه أن يكون بدلا من قوله: لم يكن، المجزوم بلم، وفي رواية مالك: يؤتى، في الموضعين، وفي رواية ابن ماجة: فييسر عليه ما لم يكن ييسر عليه من قبل ذلك، وفي رواية مسلم: فيخرج بذلك من البخيل ما لم يكن البخيل يريد أن يخرجه، وهذا أوضح الروايات.
72 ((باب إثم من لا يفي بالنذر)) أي: هذا باب في بيان إثم من لا يفي بنذره، وفي رواية غير أبي ذر: باب من لا يفي بالنذر، بدون لفظ: إثم.
5966 حدثنا مسدد عن يحياى عن شعبة قال: حدثني أبو جمرة حدثنا زهدم بن مضرب قال: سمعت عمران بن حصين يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خيركم قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم). قال عمران: لا أدري ذكر ثنتين أو ثلاثا بعد قرنه (ثم يجيء قوم ينذرون ولا يفون، ويخونون ولا يؤتمنون، ويشهدون ولا يستشهدون، ويظهر فيهم السمن).
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: (ينذرون ولا يفون) و يحيى هو القطان، ويروى عن يحيى بن سعيد بنسبته إلى أبيه، وأبو جمرة بالجيم وبالراء واسمه نصر بن عمران، وزهدم بفتح الزاي والدال بينهما هاء ساكنة ابن مضرب على صيغة اسم الفاعل واسم المفعول أيضا من التضريب بالضاد المعجمة.
والحديث مضى في الشهادات وفي فضائل الصحابة وفي كتاب الرقاق
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»