عمدة القاري - العيني - ج ٢٣ - الصفحة ٢١٢
أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يطوف بالكعبة بزمام أو غيره فقطعه.
الكلام فيه مثل الحديث الذي قبله وأبو عصام قد مر الآن، وابن جريج عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج.
والحديث مضى في الحج عن أبي عاصم أيضا وعن إبراهيم بن موسى.
(رأى رجلا) اسمه تراب، قاله الكرماني. قوله: (أو غيره) شك من الراوي أي أو غير الزمام، وهو الخطام.
3076 حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام أن ابن جريج أخبرهم قال: أخبرني سليمان الأحول أن طاووسا أخبره عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم مر وهو يطوف بالكعبة بإنسان يقود إنسانا بخزامة في أنفه، فقطعها النبي صلى الله عليه وسلم بيده ثم أمره أن يقوده بيده.
هذا طريق آخر في حديث ابن عباس المذكور أخرجه عن إبراهيم بن موسى بن يزيد الفراء الرازي عن هشام بن يوسف عن عبد الملك بن جريج عن سليمان بن أبي موسى الأحول عن طاووس عن ابن عباس، وهذا الطريق أنزل من الطريق المذكور.
قوله: (وهو يطوف) الواو فيه للحال. قوله: (يقود) جملة وقعت صفة لقوله: (بإنسان) قوله: (بخزامة) بكسر الخاء المعجمة وتخفيف الزاي وهي حلقة من شعر أو وبر تجعل في الحاجز الذي بين منخري البعير يشد بها الزمام ليسهل القياد إذا كان صعبا.
4076 حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب حدثنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال: بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذا برجل قائم، فسأل عنه فقالوا: أبو إسرائيل، نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مره فليتكلم وليستظل وليقعدو ليتم صومه).
مطابقته للجزء الثاني من الترجمة لأن نذر الرجل بترك القعود وترك الاستظلال وترك التكلم ليست بطاعة، فإذا كان نذره في غير طاعة يكون معصية، لأن المعصية خلاف الطاعة.
وموسى بن إسماعيل أبو سلمة المنقري الذي يقال له التبوذكي، ووهيب مصغر وهب بن خالد، وأيوب هو السختياني.
والحديث أخرجه أبو داود في الأيمان عن موسى المذكور. وأخرجه ابن ماجة في الكفارات عن الحسين بن محمد الواسطي.
قوله: (يخطب) زاد الخطيب في (المبهمات): من وجه آخر: يوم الجمعة. قوله: (إذا برجل) جواب قوله: (بينا النبي صلى الله عليه وسلم) وفي رواية أبي يعلى: إذ التفت فإذا هو برجل. قوله: (قائم) صفة رجل، وفي رواية أبي داود: قائم في الشمس، وفي رواية: قائم يصلي. قوله: (فسأل عنه) أي، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل. قوله: (فقالوا: أبو إسرائيل) وفي رواية أبي داود: هو أبو إسرائيل، وزاد الخطيب: رجل من قريش. وقال الكرماني: رجل من الأنصار، وقال بعضهم: ترجم له ابن الأثير تبعا لغيره، فقال: إسرائيل الأنصاري، فاغتر بذلك الكرماني فجزم بأنه من الأنصار، والأول أولى. انتهى.
قلت: يقال لهذا القائل: إن كان الكرماني اغتر بكلام ابن الأثير، فأنت اغتررت بكلام الخطيب، وأولوية الأول من أين؟ مع أن أبا عمر بن عبد البر قال في (الاستيعاب): في باب الكنى: أبو إسرائيل رجل من الأنصار من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر حديثه المذكور، ثم قال: اسمه يسير، بضم الياء آخر الحروف وبالسين المهملة، وقيل: قشير، بضم القاف وفتح الشين المعجمة، وقيل: قصير، باسم ملك الروم ولا يشاركه أحد في كنيته من الصحابة. قوله: (مره) أمر من أمر أي: مر أبا إسرائيل، وفي رواية أبي داود: مروه، بصيغة الجمع. قوله: (وليتم صومه) لأن الصوم قربة بخلاف أخواته.
وفي حديثه: دليل على أن السكوت عن المباح أو عن ذكر الله ليس بطاعة، وكذلك الجلوس في الشمس، وفي معناه كل ما يتأذى به الإنسان مما لا طاعة فيه ولا قربة بنص كتاب أو سنة، كالجفاء وغيره، وإنما
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»