قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخنى الأسماء يوم القيامة عند الله رجل تسمى ملك الأملاك. (انظر الحديث 6205 طرفه في: 6206).
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: (أخنى الأسماء) لأن: أخنى أفعل من الخنى، وهو الفحش من القول، وكل فحش قبيح وكل قبيح مبغوض.
وأبو اليمان الحكم بن نافع، وشعيب هو ابن أبي حمزة، وأبو الزناد بكسر الزاي وبالنون عبد الله بن ذكوان، والأعرج عبد الرحمن بن هرمز. والحديث من أفراده.
قوله: (أخنى الأسماء) كذا وقع في رواية شعيب للأكثرين، ووقع في رواية المستملي: أخنع، أما الأخنى فهو من الخنى بفتحتين مقصورا، وقد فسرناه، وأما: أخنع، فهو من الخنوع وهو الذل وقد فسره الحميدي عند روايته به بقوله: الأخنع الأذل. وأخرج مسلم عن أحمد بن حنبل، قال: سألت أبا عمر والشيباني، يعني: إسحاق اللغوي عن أخنع، فقال: أوضع، والخانع الذليل من خنع الرجل إذا ذل، وورد عند مسلم بلفظ أخبث الأسماء وبلفظ: أغيظ الأسماء، ووقع لابن أبي شيبة عن مجاهد بلفظ: أكره الأسماء، وروى سفيان عن ابن أبي نجيح عن جابر قال: أكره الأسماء إلى الله ملك الأملاك، وإنما كان: ملك الأملاك أبغض إلى الله وأكره إليه أن يسمى به مخلوق لأنه صفة الله تعالى، ولا يليق بمخلوق صفات الله وأسماؤه، لأن العباد لا يوصفون إلا بالذل والخضوع والعبودية، وقد روى عطاء عن أبي سعيد الخدري مرفوعا: لا تسموا أبناءكم حكيما ولا أبا الحكم فإن الله هو الحكيم العليم، وقال الداودي في الحديث: أبغض الأسماء إلى الله: خالد ومالك، وذلك أن أحدا ليس يخلد، والمالك هو الله عز وجل، ثم قال: وما أراه محفوظا لأن بعض الصحابة كان اسمه خالدا أو مالكا قال صاحب (التوضيح): وهذا عجب، ففي الصحابة خالد فوق السبعين ومالك في الصحابة فوق المائة وعشرة، والعباد وإن كانوا يموتون فالأرواح لا تفنى ثم تعود الأجسام التي كانت في الدنيا وتعود فيها تلك الأرواح، ويخلد كل فريق في أحد الدارين، وفي التنزيل: * ((34) ونادوا يا مالك) * (الزخرف: 77) الخازن النار، واعترض عليه بعضهم بقوله: احتجاجه بجواز التسمية بخالد بما ذكر من أن الأرواح لا تفنى، فعلى تقدير التسليم ليس بواضح لأن الله سبحانه قد قال لنبيه: * ((12) وما جعلنا لبشر.. الخلد) * (الأنبياء: 34) والخلد البقاء الدائم بغير موت فلا يلزم من كون الأرواح لا تفنى أن يقال لصاحب تلك الروح: خالد. انتهى. قلت اعتراضه غير واضح ولا وارد لأن نفي الخلد لبشر من قبل النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو في الدنيا. قوله: والخلد البقاء الدائم بغير موت في الدنيا أيضا، والنتيجة التي بناها على تلك المقدمة الفاسدة عقيمة وهي قوله: فلا يلزم... إلى آخره، بل يلزم ذلك في الآخرة فافهم. قوله: (ملك الأملاك) بكسر اللام من ملك والأملاك جمع ملك بكسر اللام أيضا، وقيل: التحق بذلك قاضي القضاة وإن كان اشتهر في بلاد المشرق من قديم الزمان إطلاق ذلك على كبير القضاة، وقد سلم أهل الغرب من ذلك، واسم: كبير القضاة، عندهم قاضي الجماعة. قلت: أول من تسمى قاضي القضاة أبو يوسف من أصحاب أبي حنيفة، وفي زمنه كان أساطين الفقهاء والعلماء والمحدثين فلم ينقل عن أحد منهم إنكار ذلك، نعم يمتنع أن يقال: أقضى القضاة، لأن معناه: أحكم الحاكمين، والله سبحانه هو أحكم الحاكمين، وهذا أبلغ من قاضي القضاة، لأنه أفعل التفضيل، ومن جهلاء هذا الزمان من مسطري سجلات القضاة يكتبون للنائب: أقضى القضاة، وللقاضي الكبير: قاضي القضاة.
6206 حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رواية قال: أخنع إسم عند الله، وقال سفيان غير مرة: أخنع الأسماء عند الله رجل تسمى بملك الأملاك. قال سفيان: يقول غيره: تفسيره شاهان شاه. (انظر الحديث 6205).
هذا طريق آخر في حديث أبي هريرة أخرجه عن علي بن عبد الله بن المديني عن سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج عن أبي هريرة. قوله: (رواية) أي: عن النبي صلى الله عليه وسلم، وانتصابه به على التمييز أي: من حيث الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: (وقال سفيان) أي: الراوي المذكور. قوله: (غير مرة) أي: مرارا متعددة. قوله: (يقول غيره) أي: غير أبو الزناد (شاهان شاه)، ومعناه بالعربي: ملك الأملاك، لأن شاهان الأملاك لأنه جمع شاه