عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ٤٦
والقتل يشملهما. قوله: (لم يعمل بالحنث)، بكسر الحاء المهملة وسكون النون وبالثاء المثلثة وهو الإثم والمعصية. قوله: (قرأها) كذا هو في رواية أبي ذر، وفي رواية غيره: وكان ابن عباس يقرؤها: زكية، وهي قراءة الجمهور، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو: زاكية. قوله: (مسلمة)، بضم الميم وسكون السين وكسر اللام عند الأكثرين، ولبعضهم بفتح السين وتشديد اللام المفتوحة. قوله: (فانطلقا)، أي: موسى وخضر عليهما السلام. قوله: (يزعمون عن غير سعيد)، القائل بهذا هو ابن جريج، ومراده أن اسم الملك الذي كان يأخذ السفن لم يقع في رواية سعيد بن جبير، وعزاه ابن خالويه في كتاب: (ليس) لمجاهد. قوله: (هدد) بضم الهاء وحكى ابن الأثير فتحها والدال مفتوحة بلا خلاف. قوله: (بدد)، بفتح الباء الموحدة، وقال الكرماني بضم الباء والدال مفتوحة، وزعم ابن دريد أن هدد اسم ملك من ملوك حمير زوجه سليمان بن داود عليهما السلام، بلقيس. قيل: إن ثبت هذا حمل على التعدد والاشتراك في الاسم لبعد ما بين مدة سليمان وموسى عليهما السلام، وجاء في تفسير مقاتل: أن اسمه منولة بن الجلندي بن سعيد الأزدي، وقيل: هو الجلندي، وكان بجزيرة الأندلس. قوله: (والغلام المقتول اسمه يزعمون جيسور)، القائل بذلك هو ابن جريج، وجيسور، بفتح الجيم وسكون الياء آخر الحروف وضم السين المهملة، كذا هو في رواية عن أبي ذر، وفي رواية أخرى له عن الكشميهني بفتح الهاء المهملة وسكون الياء آخر الحروف، وكذا في رواية ابن السكن، وفي رواية القابسي بنون بدل الياء آخر الحروف، وعند عبدوس بنون بدل الراء، وعن السهيلي أنه رآه في نسخة بفتح المهملة والموحدة ونونين الأولى مضمومة بينهما الواو الساكنة، وفي تفسير الضحاك: اسمه حشرد، وفي تفسير الكلبي: اسم الغلام شمعون. قوله: (يأخذ كل سفينة غصبا)، وفي رواية النسائي: كل سفينة صالحة، وفي رواية إبراهيم بن بشار عن سفيان، وكان ابن مسعود يقرأ: كل سفينة صحيحة غصبا. قوله: (فأردت إذا هي مرت به أن يدعها)، أي: أن يتركها لأجل عيبها، وفي رواية النسائي: فأردت أن أعيبها حتى لا يأخذها. قوله: (فإذا جاوزوا) أي: عدوا عن الملك أصلحوها، وفي رواية النسائي: فإذا جاوزوه رقعوها. قوله: (بقارورة)، بالقاف وهي: الزجاج، وقال الكرماني: كيفية السد بالقارورة غير معلومة، ثم وجهه بوجهين: أحدهما: أن تكون قارورة بقدر الموضع المخروق فتوضع فيه، والآخر: يسحق الزجاج ويخلط بشيء كالدقيق فيسد به، وقال بعضهم، بعد أن ذكر الوجه الثاني: فيه بعد. قلت: لا بعد فيه، لأنه غير متعذر ولا متعسر، والبعد في الذي قاله هو أن القارورة فاعولة من القار. قوله: (بالقار)، بالقاف والراء وهو الزفت، وهذا أقرب من القول الأول. قوله: (كان أبواه) أي: أبوا الغلام. قوله: (أن يرهقهما) أي: يلحقهما. وقوله: (فخشينا) إلى قوله: (من دينه) من تفسير ابن جريج عن يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير. انتهى. قوله: (أن يحملهما)، يجوز أن يكون بدلا من قوله: (أن يرهقهما) ويجوز أن يكون التقدير: بأن يحملهما. وقوله: (حبه) بالرفع فاعله. قوله: (خيرا منه) أي: من الغلام المقتول. قوله: (زكاة) نصب على التميز، وإنما ذكرها للمناسبة بينها وبين قوله: (نفسا زكية) أشار إلى ذلك بقوله: * (أقتلت نفسا زكية) * (الكهف: 47) ولما وصف موسى نفس الغلام بالزكية وذكر الله تعالى بقوله: * (فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما) * (الكهف: 18) وفي التفسير قوله: (زكاة) أي صلاحا وإسلاما ونماء. قوله: (وأقرب رحما) قال الثعلبي: من الرحم والقرابة، وقيل: هو من الرحمة، وعن ابن عباس: أوصل للرحم وأبر بوالديه، وعن الفراء: أقرب أن يرحماه، وقيل: من الرحم، بكسر الحاء أشد مبالغة من الرحمة التي هي رقة القلب والتعطف لاستلزام القرابة، الرقة غالبا من غير عكس، وقال الكرماني: وظن بعضهم أنه مشتق من الرحم الذي هو الرحمة، وغرضه أنه يعني القرابة لا الرقة، وعند البعض بالعكس. قوله: (هما به أرحم منهما بالأول)، أي: الأبوان المذكوران به أي: بالذي يبدل من المقتول أرحم منهما بالأول، وهو المقتول. قوله: (وزعم غير سعيد من قول ابن جريج)، أي: زعم غير سعيد بن جبير أنهما أي الأبوين أبدلا جارية بدل المقتول، وروي عن سعيد أيضا: أنها جارية، على ما جاء وفي رواية النسائي من طريق ابن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: أبدلهما جارية فولدت نبيا من الأنبياء، وفي رواية الطبراني: ببنين، وعن السدي: ولدت جارية، فولدت نبيا، وهو الذي كان بعد موسى، فقالوا له: ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله، واسم هذا النبي شمعون، واسم أمه حنة. فإن قلت: روى ابن مردويه من حديث أبي بن كعب أنها ولدت غلاما. قلت: إسناده ضعيف، وفي تفسير
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»