بينه وبين الملائكة سترا من نور لاحترق أهل السماوات من نوره، وقال قوم هو المركب في الخلق الذي بفقده فناؤهم وهم وبوجوده بقاؤهم، وقال بعضهم: أراد بالروح القرآن، وذلك أن المشركين قالوا: يا محمد من أتاك بهذا القرآن؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية، وبين أنه من عنده.
1274 حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي حدثنا الأعمش قال حدثني إبراهيم عن علقمة عن عبد الله رضي الله عنه قال بينا أنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرث وهو متكىء على عصيب إذ مر اليهود فقال بعضهم لبعض سلوه عن الروح فقال ما رابكم إليه وقال بعضهم لا يستقبلكم بشيء تكرهونه فقالوا سلوه فسألوه عن الروح فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم فلم يرد عليهم شيئا فعلمت أنه يوحى إليه فقمت مقامي فلما نزل الوحي قال: * (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) * (الإسراء: 58).
.
مطابقته للترجمة ظاهرة. والأعمش هو سليمان، وإبراهيم هو النخعي، وعلقمة هو ابن قيس النخعي، وعبد الله هو ابن مسعود.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في العلم عن قيس بن حفص، وأخرجه أيضا في التوحيد عن موسى بن إسماعيل وعن يحيى عن وكيع وفي الاعتصام عن محمد بن عبيد. وأخرجه مسلم في التوبة عن عمر بن حفص وغيره. وأخرجه الترمذي والنسائي جميعا في التفسير عن علي بن حشرم به.
قوله: (بينا أنا). قد مر غير مرة أن: بين، زيدت فيه الألف ويضاف إلى جملة ويحتاج إلى جواب وهو قوله: (إذ مر اليهود). قوله: (في حرث)، بفتح الحاء المهملة وسكون الراء والثاء المثلثة، ووقع في كتاب العلم من وجه آخر في: خرب، بفتح الخاء المعجمة وكسر الراء وبالباء الموحدة، وفي رواية مسلم بلفظ: كان في نخل، وزاد في رواية العلم: بالمدينة، ووقع في رواية ابن مردويه عن الأعمش: في حرث الأنصار. قوله: (وهو متكئ)، الواو فيه للحال، ويروى: وهو يتوكأ، أي: يعتمد. قوله: (عسيب)، بفتح العين وكسر السين المهملتين وفي آخره باء موحدة: وهو الجريدة التي لا خوص فيها، ووقع في رواية ابن حبان: ومعه جريدة. قوله: (اليهود)، بالرفع على الفاعلية، ووقع في بقية روايات البخاري في المواضع التي ذكرناها الآن: إذ مر بنفر من اليهود، وكذا في رواية مسلم، ووقع في رواية الطبراني عن الأعمش: إذ مررنا على يهود، واليهود تارة بالألف وتارة يجرد عنها وهو جمع يهودي. قوله: (ما رابكم إليه)، كذا بصيغة الفعل الماضي في رواية الأكثرين من الريب، ويقال: رابه كذا، وأرا به كذا، بمعنى واحد. وفي رواية أبي ذر عن الحموي وحده بهمزة وضم الباء الموحدة: من الرأب، وهو الإصلاح، فيقال فيه: رأب بين القوم إذا أصلح بينهم، وقال الخطابي: الصواب ما أربكم؟ بفتح الهمزة والراء، أي: ما حاجتكم؟ قال الكرماني: ويروى: ما رأيكم، أي: فكركم. قوله: (لا يستقبلكم بشيء)، بالرفع، وقال بعضهم: ويجوز السكون والنصب قلت: السكون ظاهر لأنه يكون في صورة النهي، وأما النصب فليس له وجه، وفي رواية العلم: لا يجيء فيه بشيء تكرهونه، وفي الاعتصام: لا يسمعكم ما تكرهونه. قوله: (سلوه) أصله: سألوه، وفي رواية التوحيد لنسألنه واللام فيه جواب قسم محذوف. قوله: (فسألوه عن الروح)، ويروى: في التوحيد، فقام رجل منهم فقال يا أبا القاسم ما الروح وفي رواية الطبري، فقالوا: أخبرنا عن الروح. قوله: (فلم يرد عليهم) وفي رواية الكشميهني: فلم يرد عليه بالإفراد. قوله: (فعلمت أنه يوحى إليه)، وفي رواية: فظننت أنه يوحى إليه، وفي الاعتصام: فقلت: إنه يوحى إليه. قوله: (فقمت مقامي)، وفي رواية الاعتصام: فتأخرت عنه. قوله: (فلما نزل الوحي)، وفي رواية الاعتصام: حتى صعد الوحي، وفي رواية العلم: فقمت فلما انجلى. قوله: (من أمر ربي) قال الإسماعيلي: يحتمل أن يكون جوابا، وأن الروح من أمر الله تعالى، يعني: من جملة أمر الله، ويحتمل أن يكون المراد: أن الله اختص بعلمه، وقد مر الكلام فيه عن قريب. قوله: (وما أوتيتم)، كذا للكشميهني هنا، وكذا: الهم، في الاعتصام،