عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ٣٠
الله عنه: * (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) * (الإسراء: 06) قال هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به والشجرة الملعونة شجرة الزقوم.
(انظر الحديث 8883 وطرفه).
مطابقته للترجمة ظاهرة. وعلي بن عبد الله هو ابن المديني، وسفيان هو ابن عيينة وعمرو هو ابن دينار.
وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضا في القدر وفي البعث عن الحميدي. وأخرجه الترمذي في التفسير عن محمد بن يحيى. وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن منصور.
قوله: (هي رؤيا عين)، وزاد سعيد بن منصور عن سفيان في آخر الحديث: وليست رؤيا منام. قوله: (أريها)، بضم الهمزة وكسر الراء من الإراءة. قوله: (والشجرة الملعونة)، بالنصب عطف على الرؤيا، تقديره: وما جعلنا الرؤيا التي أريناك والشجرة الملعونة في القرآن، إلا فتنة للناس، وكانت فتنتهم في الرؤيا أن جماعة ارتدا، وقالوا: كيف يسرى به إلى بيت القدس في ليلة واحدة؟ وقيل: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني أمية ينزون على منبره نزو القردة فساء ذلك، فما استجمع ضاحكا حتى مات، فأنزل الله تعالى: * (وما جعلنا الرؤيا) * الآية، وكانت فتنتهم في الشجرة الملعونة أن أبا جهل عليه اللعنة قال، لما نزلت هذه الآية: ليس من كذب ابن أبي كبشة أنه يتوعدكم بنار تحرق الحجارة ثم يزعم أنه تنبت فيها شجرة وأنتم تعلمون أن النار تحرق الشجرة، وروى ابن مردويه عن عبد الرزاق عن أبيه عن مينا، مولى عبد الرحمن بن عوف: أن عائشة رضي الله عنها، قالت لمروان: أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول لك ولأبيك ولجدك: إنكم الشجرة الملعونة في القرآن، وروى ابن أبي حاتم من حديث عبد الله بن عمرو: أن الشجرة الملعونة في القرآن الحكم بن أبي العاص وولده. قوله: * (شجرة الزقوم) * (الصافات: 26)، على وزن فعول من الزقم وهو اللقم الشديد والشرب المفرط، وقال أبو موسى المديني: هي شجرة غبراء مرة قبيحة الرؤوس، وقال ثعلب: الزقوم كل طعام يقتل والزقمة الطاعون، وفي (غرر التبيان): هي شجرة الكشوت تلتوي على الشجر فتجففه، وقيل: هي الشيطان، وقيل: أبو جهل، وروى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما، لما ذكر الله عز وجل الزقوم في القرآن، قال أبو جهل: هل تدرون ما الزقوم؟ هو التمر بالزبد، أما والله لئن أمكننا الله منها لتزقمناها تزقما، فنزلت: * (والشجرة الملعونة) * (الإسراء: 06) في القرآن. وعن مقاتل: قال عبد الله بن الزبعري: إن الزقوم بلسان البربر الزبد، فقال أبو جهل: يا جارية ائتنا تمرا وزبدا، وقال لقريش: تزقموا من هذا الزقوم، وقال ابن سيده: لما نزلت آية الزقوم لم يعرفه قريش، فقال أبو جهل: إن هذا ليس ينبت ببلادنا فما منكم من يعرفه؟ فقال رجل قدم عليهم من إفريقية: إن الزقوم بلغة أهل إفريقية الزبد بالتمر. فإن قلت: فأين ذكرت في القرآن لعنها؟ قلت: قد لعن آكلها والعرب تقول لكل طعام مكروه ملعون، ووصف الله تعالى شجرة الزقوم في سورة الصافات فقال: * (أنها شجرة تخرج في أصل الجحيم) * (الصافات: 46) الآيات... أي: خلقت من النار وعذب بها.
01 ((باب قوله: * (إن قرآن الفجر كان مشهودا) * (الإسراء: 87)) أي: هذا باب في قوله عز وجل: * (إن قرآن الفجر) * أي: صلاة الفجر، سميت الصلاة قرآنا لأنها لا تجوز إلا بقرآن، وقيل: يعني قراءة الفجر، أي: ما يقرأ به في صلاة الفجر. قوله: (كان مشهودا) أي: تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار ينزل هؤلاء ويصعد هؤلاء فهو آخر ديوان الليل وأول ديوان النهار، وروى ابن مردويه بسند لا بأس به عن أبي الدرداء رضي الله عنه: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: * (أن قرآن الفجر كان مشهودا) * قال: يشهده الله وملائكة الليل والنهار، وفي لفظ: في ثلاث ساعات يبقين من الليل يفتح الله الذكر الذي لم يره أحد غيره فيمحو ما يشاء ويثبت، ثم في الساعة الثانية ينزل إلى عدن فيقول: طوبى لمن دخلك، ثم ينزل في الساعة الثالثة إلى السماء الدنيا، فيقول: هل من مستغفر فاغفر له؟ هل من داع فأجيبه؟ حتى يصلي الفجر، وذلك قوله: * (وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا) * يقول: يشهده الله وملائكته وملائكة الليل وملائكة النهار.
قال مجاهد صلاة الفجر
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»