لا يكون بالياء والنون. فإن قلت: روي عن قتادة في قوله تعالى: * (فاقعدوا مع الخالفين) * قال أي: النساء. قلت: رد عليه ابن جرير بما ذكرنا ورجح عليه قول ابن عباس، وكان الكرماني أخذ قول قتادة فقال: قوله الخوالف جمع الخالف أي: مع المتخلفين ثم قال: ويجوز أن يكون المراد جمع النساء فيكون جمع خالفة، وهذا هو الظاهر لأن فواعل جمع فاعلة، ولم يوجد في كلامهم إلا لفظان فوارس وهوالك. قلت: جاء سابق وسوابق وناكس ونواكس وداجن ودواجن، ومن الأسماء عازب وعوازب وكاهل وكواهل وحاجة وحوائج وعائش وعوائش للدخان، والحاصل أن المراد من الخوالف النساء المتخلفات، وقيل: أخساه الناس. قوله: (ومنه يخلفه في الغابرين)، أي: ومن هذا لفظ يخلفه في الغابرين، هذا دعاء لمن مات له ميت اللهم اخلفه في الغابرين، أي: في الباقين من عقبه، وفي مسلم من حديث أم سلمة اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين، وقال النووي في شرحه أي: الباقين، كقوله تعالى: * (إلا امرأته كانت من الغابرين) * (الأعراف: 83) قلت: لفظ غبر، يستعمل في الماضي والمستقبل فهو من الأضداد والفرق في المعنى بالقرينة. قوله: (ويجوز أن يكون النساء من الخالفة) إنما يجوز ذلك إذا كان يجمع مع الخالفة على خوالف وأما على ما يفهم من صدر كلامه أن الخالف يجمع على خوالف فلا يجوز على ما نبهنا عليه من قريب، وإنما الخالف يجمع على الخالفين بالياء والنون فافهم.
وإن كان جمع الذكور فإنه لم يوجد على تقدير جمعه إلا حرفان فارس وفوارس وهالك وهوالك.
فيه نظر من وجهين: أحدهما: أن المفهوم من صدر كلامه أن خوالف جمع خالف وهنا ذكره بالشك أنه إذا كان خوالف جمع المذكر فإنه لم يوجد إلى آخره. والآخر: في ادعائه أن لفظ فاعل لا يجمع على فواعل إلا في لفظين: أحدهما: فارس، فإنه يجمع على فوارس. والآخر: هالك فإنه يجمع على هوالك، وقد ذكرنا ألفاظا غيرهما أنها على وزن فاعل قد جمعت على فواعل ولم أر أحدا من الشراح حرر هذا الموضع كما هو حقه، وقد حررناه فلله الحمد.
الخيرات واحدها خيرة وهي الفواضل أشار به إلى قوله تعالى: * (وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون) * وذكر أن واحدة الخيرات خيرة. ثم فسر الخيرات بالفواضل وفي التفسير: أولئك لهم الخيرات. أي: في الدار الآخرة في جنات الفردوس والدرجات العلى.
مرجؤون مؤخرون لم يثبت هذا في رواية أبي ذر، وأشار به إلى قوله تعالى: (وآخرون مرجؤون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم)، (التوبة: 106) وفسر مرجؤون، بقوله: مؤخرون أي: يؤخرون لأمر الله ليقضي الله فيهم ما هو قاض، ومرجؤون من أرجأت الأمر وأرجيته بهمز وبغيره وكلاهما بمعنى التأخير، ومنه المرجئة. وهم فرقة من فرق الإسلام يعتقدون أنه لا يضر مع الإيمان معصية كما أنه لا ينفع مع الكفر طاعة. أي: آخره عنهم، والمرجئة بهمز ولا تهمز، فالنسبة من الأول مرجىء ومن الثاني مرجي، والمراد من قوله تعالى: * (وآخرون مرجؤون) * الثلاثة الذين خلفوا في غزوة تبوك، وهم: مرارة بن الربيع وكعب بن مالك وهلال بن أمية قعدوا عن غزوة تبوك في جملة من قعد كسلا وميلا إلى الدعة والخفض وطيب الثمار والظلال، لا شكا ونفاقا قاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة والضحاك وآخرون.
الشفاشفي وهو حده أشار به إلى قوله تعالى: * (أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار) * (التوبة: 109) فسر الشفا بقوله شفير، ثم قال: وهو حده أي: طرفه، وفي رواية الكشميهني وهو حرفه.
والجرف ما تجرف من السيول والأودية هار هائر أشار به إلى قوله تعالى: * (شفا جرف هار) * (التوبة: 109) ثم فسره الجرف بقوله: ما تجرف من السيول وهو الذي ينحفر