* فما أدري إذا يممت أرضا * أريد الخير أيهما يليني * * آلخير الذي أنا أبتغيه * أم الشر الذي هو يبتغيني * قوله: (أفاطم)، بفتح الميم وضمها، منادى مرخم. قوله: (بينك)، أي: قبل قطعك. قوله: (اجتوى)، من الجوى، وهو: المرض وداء البطن إذا تطاول. قوله: (ذات لوث)، بضم اللام، يقال ناقة لوثة أي: كثيرة اللحم والشحم. قوله: (عذافرة)، بضم العين المهملة وتخفيف الذال المعجمة وكسر الفاء وفتح الراء يقال: ناقة عذافرة، أي: عظيمة وقال الجوهري: يقال جمل عذافر وهو العظيم الشديد. قوله: (كمطرقة القيون)، وهو جمع قين، وهو الحداد. قوله: (أرحلها) من رحلت الناقة أرحلها رحلا إذا شددت الرحل على ظهرها، والرحل أصغر من القتب. قوله: (وضيني) بفتح الواو وكسر الضاد المعجمة وسكون الياء آخر الحروف وبالنون، وهو الهودج بمنزلة البطان للقتب قوله: (حل) أي: حلول الحل، والحلول والمحل مصادر من حل بالمكان، والمعنى: أكل الزمان موضع الحلول وموضع الارتحال؟ قوله: (لا يقيني) أي: لا يحفظني من وقى يقي وقاية. قوله: (بصدق) ويروي بحق. قوله: (فاعرف) بالنصب أي: فإن أعرف. قوله: (غثى) بالغين المعجمة وتشديد الثاء المثلثة من غث اللحم إذا كان مهزولا والمعنى أعرف منك ما يفسد مما يصلح.
9 ((* (سورة براءة) *)) أي: هذه سورة براءة يعني: في بيان بعض تفسيرها، وسيأتي معنى براءة، عن قريب إن شاء الله تعالى. وقال أبو الحسن بن الحصار: هي مدنية باتفاق. وقال مقاتل: إلا آيتين من آخرها * (لقد جاءكم) * (التوبة: 128) إلى آخرها نزلت بمكة، وقيل: فيها اختلاف في أربع عشرة آية، وهي عشرة آلاف وثمانمائة وسبعة وثمانون حرفا وألفان وأربعمائة وسبع وتسعون كلمة، ومائة وثلاثون آية مدني وبصري وشامي ومكي، ومائة وعشرون وتسع كوفي، ولها ثلاثة عشر اسما اثنان مشهوران (براءة)، و (التوبة) و (سورة العذاب) و (والمقشقشة) لأنها تقشقش عن النفاق أي: تبرىء، وقيل: من تقشقش المريض إذا برأ (والبحوث) لأنها تبحث عن سرائر المنافقين و (الفاضحة) لأنها فضحت المنافقين و (المبعثرة) لأنها بعثرت أخبار الناس وكشفت عن سرائرهم و (المثيرة) لأنها أثارت مخازي المنافقين و (الحافرة) لأنها حفرت عن قلوبهم و (المشردة) لأنها تشرد بالمنافقين و (المخزية) لأنها تخزي المنافقين و (المنكلة) لأنها تتكلم و (المدمدمة) لأنها تدمدم عليهم. واختلف في سبب سقوط البسملة من أولها. فقيل: لأن فيها نقض العهد والعرب في الجاهلية كانوا إذا نقض العهد الذي كان بينهم وبين قوم لم يكتبوا فيه البسملة، ولما نزلت براء بنقض العهد قرأها عليهم علي، رضي الله تعالى عنه، ولم يبسمل جريا على عادتهم، وقيل: لأن عثمان، رضي الله تعالى عنه، قال: كانت الأنفال من أوائل ما نزل وبراءة من آخره، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، وقبض النبي صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها فظننت أنها منها فمن ثمة قرنت بينهما ولم أكتب بينهما البسملة، رواه الحاكم وصححه، وقيل: لما سقط البسملة معه، روي عن عثمان أيضا وقاله مالك في رواية ابن وهب وابن القاسم، وقال ابن عجلان: بلغني أن براءة كانت تعدل البقرة أو قربها فذهب منها فلذلك لم تكتب البسملة، وقيل: لما كتب المصحف في خلافة عثمان اختلفت الصحابة. فقال بعضهم: براءة والأنفال سورة واحدة، وقال بعضهم: هما سورتان، فترك بينهما فرجة لقول من لم يقل إنهما سورة واحدة، وبه قال: خارجة وأبو عصمة وآخرون، وقيل: روى الحاكم في (مستدركه) عن ابن عباس، قال: سألت عليا رضي الله تعالى عنه، عن ذلك فقال: لأن البسملة أمان وبراءة نزلت بالسيف ليس فيها أمان. قال القشيري: والصحيح أن البسملة لم تكتب فيها لأن جبريل عليه السلام، ما نزل بها فيها، وروى الثعلبي عن عائشة، رضي الله تعالى عنها، أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما نزل علي القرآن إلا آية آية وحرفا حرفا خلا براءة وقل هو الله أحد فإنهما أنزلتا علي ومعهما سبعون ألفا من الملائكة).
مرصد طريق أشار به إلى قوله تعالى: * (واقعدوا لهم كل مرصد) * (التوبة: 5) أي: على كل طريق ويجمع على مراصد، وهي الطرق. قوله لهم: أي للكفار المشركين ولم تقع هذه اللفظة إلا في بعض النسخ.
((باب وليجة كل شيء أدخلته في شيء)) لم يثبت لفظ باب: في كثير من النسخ ولا ثبت لفظ وليجة في رواية أبي ذر، ولا الذي قبله، وأشار به إلى قوله تعالى: * (ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعلمون) * (التوبة: 16) وفسر: وليجة بقوله: كل شيء أدخلته في شيء وروى كذلك عن الربيع قال ابن أبي حاتم، حدثنا كثير بن شهاب القزويني حدثنا محمد يعني ابن سعيد حدثنا أبو جعفر عنه، وفي التفسير، وليجة أي: بطانة ودخيلة، يعني الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله . ولا المؤمنين وليجة أي: بطالة بل هم في الظاهر والباطن على النصح لله ولرسوله.
الشقة السفر أشار به إلى قوله عز وجل: * (لو كان عرضا قريبا وسفرا فاسدا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة) * (براءة: 42) وفسر الشقة بالسفر. وروي كذلك عن ابن عباس، قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة حدثنا منجاب أخبرنا بشر بن عمارة عن أبي روق عن الضحاك عنه، وفي التفسير * (لو كان عرضا قريبا) * أي: الغنيمة قريبة * (وسقرا قاصدا لاتبعوك) * أي: لكانوا معك لذلك * (ولكن بعدت عليهم الشقة) * أي: المسافة إلى الشام.
الخبال الفساد والخبال الموت أشار به إلى قوله تعالى: * (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا) * (التوبة: 47) وفسر الخبال بالفساد، وكذا فسره أبو عبيدة، والخبال في الأصل الفساد ويكون في الأفعال والأبدان والعقول، من خبله يخبله خبلا بسكون الباء وبفتحها الجنون. قوله: (والخبال الموت)، كذا وقع في جمع الروايات قيل: الصواب الموتة بضم الميم وبالهاء في آخره، وقال الجوهري: الموتة بالضم جنس من الجنون والصرع يعتري الإنسان فإذا أفاق عاد إليه كمال عقله كالنائم والسكران.
ولا تفتني لا توبخني أشار به إلى قوله تعالى: * (ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني) * (التوبة: 47) وفسر قوله: لا توبخني، من التوبيخ بالباء الموحدة والخاء المعجمة، وفي وراية المستملي والجرجاني: لا توهني، بالهاء وتشديد النون من الوهن وهو الضعف وفي رواية ابن السكن: لا تؤتمني بالتاء المثلثة الثقيلة وسكون الميم من الإثم قال عياض: وهو الصواب، وكذا وقع في كلام أبي عبيدة، والآية نزلت في جد ابن قيس المنافق قال له صلى الله عليه وسلم: هل لك في جلاد بني الأصفر يعني الروم تتخذ منهم سراري ووصفاء؟ فقال: ائذن لي في القعود عنك ولا تفتني بذكر النساء فقد علم قومي أني مغرم بهن وأني أخشى أن لا أصبر عنهن، وقال ابن عباس: اعتل جد ابن قيس بقوله: ولا تفتني، ولم يكن له علة إلا النفاق. قال تعالى: * (إلا في الفتنة سقطوا) * يعني: إلا في الإثم سقطوا.