إياس الواسطي.
قوله: (سورة الأنفال) أي: ما سبب نزول سورة الأنفال؟ قوله: (قال نزلت في بدر) أي: قال ابن عباس: نزلت سورة الأنفال في قضية بدر، وهذا أحد الأقوال وهو ما رواه أحمد بإسناده عن سعد بن أبي وقاص قال: لما كان يوم بدر وقتل أخي عمير وقتلت سعيد بن العاص وأخذت سيفه، وكان يسمى ذا الكثيفة، فأتيت به نبي الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إذهب فاطرحه في القبض. قال: فرجعت وبي ما لا يعلمه إلا الله من قتل أخي وأخذ سلبي، قال: فما جاوزت إلا يسيرا حتى نزلت سورة الأنفال، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذهب فخذ سيفك، قلت: الكثيفة، بضم الكاف وفتح الثاء المثلثة وسكون الياء آخر الحروف وبالفاء، والقبض، بفتحتين: بمعنى المقبوض وهو ما جمع من الغنيمة قبل أن يقسم، وقيل: إنها نزلت هذه الآية لأن بعض الصحابة سأل النبي صلى الله عليه وسلم من المغنم شيئا قبل قسمته فلم يعطه إياه إذ كان شركا بين الجيش، وقال مقاتل: نزلت في أبي اليسر إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم: أعطنا ما وعدتنا من الغنيمة، وكان قتل رجلين وأسر رجلين: العباس بن عبد المطلب وآخر يقال له سعد بن معاذ، وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد: إنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الخمس بعد الأربعة أخماس، فنزلت * (يسألونك) * (الأنفال: 1).
الشوكة الحد أشار به إلى قوله تعالى: * (وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم) * (الأنفال: 7) وفسر الشوكة بقوله: (الحد) وفي التفسير: أي تحبون أن الطائفة التي لا حد لها ولا منعة ولا قتال تكون لكم وهي العير، وهذه اللفظة أعني قوله: (الشوكة الحد) لم تثبت لأبي ذر.
مردفين فوجا بعد فوج ردفني وأردفني جاء بعدي أشار به إلى قوله تعالى: * (إني ممدكم بألف من الملائكة مردفين) * (الأنفال: 9) وفسر مردفين بقوله: فوجا بعد فوج، وعن ابن عباس: مردفين متتابعين، وعنه: المردفون المدد، وعنه: وراء كل ملك ملك، وعنه: بعضهم على إثر بعض، وكذا قال الضحاك وقتادة، وقال ابن جرير: حدثني المثنى حدثنا إسحاق حدثنا يعقوب بن محمد الزهري حدثني عبد العزيز بن عمران عن الزمعي عن أبي الحويرث عن محمد ابن جبير عن علي رضي الله عنه، قال: نزل جبريل عليه السلام، وفي ألف من الملائكة عن ميمنة النبي صلى الله عليه وسلم وفيها أبو بكر رضي الله عنه، ونزل ميكائيل عليه السلام، في ألف من الملائكة عن ميسرة النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا في الميسرة، وقال ابن كثير: وهذا يقتضي، لو صح إسناده، أن الألف مردوفه بمثلها، ولهذا قرأ بعضهم مردفين، بفتح الدال. قوله: (ردفني وأردفني)، أشار بهذا إلى أن ردف بكسر الدال وأردف بمعنى واحد، قال الطبري: العرب تقول: أردفته وردفته بمعنى، وقال الجوهري: ردفه بالكسر أي تبعه، والردف المرتدف وهو الذي يركب خلف الراكب، وأردفته أنا إذا أركبته معك، وذلك الموضع الذي يركبه رداف، فكل شيء تبع شيئا فهو ردفه، والترادف التتابع.
ذوقوا باشروا وجربوا وليس هذا من ذوق الفم أشار به إلى قوله تعالى: * (ذلكم فذوقوه وإن للكافرين عذاب النار) * (الأنفال: 14) وفسر: ذوقوا، بقوله: باشروا وجربوا وهذا من المجاز أن يستعمل الذوق وهو مما يتعلق بالأجسام في المعاني، كما في قوله تعالى: * (فذاقوا وبال أمرهم) * (الحشر: 15 والتغابن: 5) ولهذا قيد بقوله: وليس هذا من ذوق الفم، والضمير المنصوب في: فذوقوه، يرجع إلى العقاب المذكور قبله، وهو قوله: * (فإن الله شديد العقاب) * (البقرة: 211 والأنفال: 13).
فيركمه يجمعه أشار به إلى قوله: * (ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه) * (الأنفال: 37) وفسر: يركمه، بقوله: يجمعه، وكذا فسره أبو عبيدة، فقال: يجمعه بعضه فوق بعض، وكذا رواه ابن أبي حاتم عن يزيد القراطيسي عن إصبغ عن ابن زيد، والركم جمع الشيء بعضه على بعض، كما قال في السحاب: ثم يجعله ركاما أي: متراكبا، والمعنى: ليميز الله الفريق الخبيث من الكفار من الفريق