عمدة القاري - العيني - ج ١٨ - الصفحة ٢٠٦
7 ((باب: * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) * (المائدة: 67)) أي: هذا باب في قوله تعالى: * (يا أيها الرسول) * الآية، ذكر الواحدي من حديث الحسن بن محمد قال: حدثنا علي بن عباس عن الأعمش وأبي الحجاف عن عطية عن أبي سعيد، قال: نزلت هذه الآية: * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) * يوم غدير خم في علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، وقال مقاتل: قوله: * (بلغ ما أنزل إليك) * وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا اليهود إلى الإسلام فأكثر الدعاء فجعلوا يستهزؤن به ويقولون: أتريد يا محمد أن نتخذك حنانا كما اتخذت النصارى عيسى عليه الصلاة والسلام، حنانا؟ فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك سكت عنهم، فحرض الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم على الدعاء إلى دينه لا يمنعه تكذيبهم إياه واستهزاؤهم به عن الدعاء، وقال الزمخشري: نزلت هذه الآية بعد أحد، وذكر الثعلبي عن الحسن: قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما بعثني الله عز وجل برسالته ضقت بها ذرعا وعرفت أن من الناس من يكذبني، وكان يهاب قريشا واليهود والنصارى، فنزلت، وقيل: نزلت في عيينة بن حصين وفقراء أهل الصفة، وقيل: في الجهاد، وذلك أن المنافقين كرهوه وكرهه أيضا بعض المؤمنين، فكان النبي صلى الله عليه وسلم، يمسك في بعض الأحايين عن الحث على الجهاد لما يعرف من كراهية القوم له، فنزلت: وقيل: * (بلغ ما أنزل إليك من ربك) * في أمر زينب بنت جحش، وهو مذكور في البخاري. وقيل: * (بلغ ما أنزل إليك) * أي: في أمر نسائك، وقال أبو جعفر محمد بن علي بن حسين معناه بلغ ما أنزل إليك من ربك في فضل علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه فلما نزلت هذه الآية أخذ بيد علي، وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، وقيل: بلغ ما أنزل إليك من حقوق المسلمين، فلما نزلت هذه الآية خطب صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ثم قال: اللهم هل بلغت؟ وعند الجوزي: بلغ ما أنزل إليك من الرجم والقصاص.
4612 ح دثنا محمد بن يوسف حدثنا سفيان عن إسماعيل عن الشعبي عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت من حدثك أن محمدا صلى الله عليه وسلم كتم شيئا مما أنزل عليه فقد كذب والله يقول: * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) * الآية.
مطابقته للترجمة ظاهرة. ومحمد بن يوسف هو الفريابي صرح به أبو نعيم وسفيان هو الثوري وإسماعيل هو ابن أبي خالد البجلي الكوفي، والشعبي هو عامر، ومسروق هو ابن الأجدع. والحديث أخرجه البخاري مطولا ومختصرا وأخرجه في التوحيد مقطعا. وأخرجه مسلم في الإيمان عن ابن نمير وغيره. وأخرجه الترمذي في التفسير عن أحمد بن منيع وعن ابن أبي عمرو. وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن المثنى مطولا. وفيه الزيادة، وأخرجه عن آخرين أيضا.
8 ((باب قوله تعالى: * (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) * (البقرة: 225)) أي: هذا باب في قوله تعالى: * (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) * وليس لفظ: باب، إلا في رواية أبي ذر واللغو في اليمين هو قولك: لا والله، ويلي والله، وقيل: معنى اللغو الإثم، والمعنى لا يؤاخذكم الله بالإثم في الحلف إذا كفرتم، وقال ابن جبير: هو الرجل يحلف على المعصية، وقال إبراهيم: هو أن ينسى، وقال زيد بن أسلم: هو قول الرجل: أعمى الله بصري إن لم أفعل كذا وكذا ونحوه، وقال ابن عباس: هو أن يحرم ما أحل الله له فليس عليه كفارة، وقال طاوس والقاضي إسماعيل: هو أن يحلف وهو غضبان، وعند الشافعي، هو سبق اللسان من غير قصد، وقال أبو الوليد بن رشيد، ذهب مالك وأبو حنيفة إلى أنها اليمين على شيء يظن الرجل أنه على يقين منه فيخرج الشيء على خلاف ما حلف عليه. وقال الشافعي: لغو اليمين ما لم تنعقد النية عليه مثل ما جرت به العادة من قول الرجل في أثناء المخاطبة، لا والله وبلى والله من غير أن يعتقد لزومه انتهى، يقال: لغا في القول يلغو ويلغى لغوا ولغى لغا ولغاة، أخطأ، وكلمة لاغية فاحشة، ولغا يلغو لغوا، تكلم، وقال الجوهري: لغا يلغو، لغوا: أي قال باطلا يقال: لغوت باليمين، ونباح الكلب لغو أيضا، ولغى: بالكسر يلغى لغى مثله، واللغي الصوت مثل الوغي، ويقال أيضا: لغى به يلغى لغا أي: لهج به، واللغة
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»