عمدة القاري - العيني - ج ١٧ - الصفحة ٢٤٦
4216 حدثني يحيى بن قزعة حدثنا مالك عن ابن شهاب عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي عن أبيهما عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل الحمر الإنسية.
مطابقته للترجمة في قوله: (يوم خيبر) والحديث أخرجه البخاري أيضا في الذبائح عن عبد الله بن يوسف عن مالك وفي النكاح عن مالك بن إسماعيل عن سفيان بن عيينة وفي ترك الحيل عن مسدد. وأخرجه مسلم في النكاح عن يحيى بن يحيى وغيره. وأخرجه الترمذي في النكاح عن ابن أبي عمرو غيره. وأخرجه النسائي في الصيد عن محمد بن منصور والحارث بن مسكين وغيرهما. وأخرجه ابن ماجة في النكاح عن محمد بن يحيى.
قوله: (نهى عن متعة النساء) نكاح المتعة هو النكاح الذي بلفظ التمتع إلى وقت معين، نحو أن يقول لامرأة: أتمتع بك كذا مدة بكذا من المال، وقال ابن عبد البر في (التمهيد): أجمعوا على أن المتعة نكاح لا إشهاد فيه، وأنه نكاح إلى أجل تقع فيه الفرقة بلا طلاق ولا ميراث بينهما، قال: وهذا ليس حكم الزوجات في كتاب الله ولا سنة رسوله. انتهى. وقال القاضي عياض في (الإكمال): اتفق العلماء على أن هذه المتعة كانت نكاحا إلى أجل لا ميراث فيه وفراقها يحصل بانقضاء الأجل من غير طلاق، وإذا تقرر أن نكاح المتعة هو الموقت فلو أقته بمدة تعلم بمقتضى العادة أنهما لا يعيشان إلى انقضاء أجلها كمائتي سنة ونحوها فهل يبطل لوجود التأقيت، أو يصح لأنه زال ما كان يخشى من انقطاع النكاح بغير طلاق، ومن عدم الميراث بين الزوجين أطلق الجمهور عدم الصحة، فإن قلت: هل ذهب أحد إلى جوازها؟ قلت: ادعى فيه غير واحد من العلماء الإجماع، وقال الخطابي في (المعالم): كان ذلك مباحا في صدر الإسلام ثم حرم، فلم يبق اليوم فيه خلاف بين الأئمة إلا شيئا ذهب إليه بعض الروافض، قال: وكان ابن عباس يتأول في إباحته للمضطر بطول الغربة وقلة اليسار والجدة، ثم توقف عنه وأمسك عن الفتوى به. وقال أبو بكر الحازمي: يروى عن ابن جريج جوازه، وقال المازري في (المعلم): تقرر الإجماع على منعه ولم يخالف فيه إلا طائفة من المبتدعة، وقال صاحب (المفهم): أجمع السلف والخلف على تحريمها إلا ما روي عن ابن عباس، وروي عنه أنه رجع، وإلا الرافضة، وحكى أبو عمر الخلاف القديم فيه، فقال: وأما الصحابة فإنهم اختلفوا في نكاح المتعة، فذهب ابن عباس إلى إجازتها وتحليلها لا خلاف عنه في ذلك، وعليه أكثر أصحابه منهم: عطاء بن أبي رباح وسعيد بن جبير وطاووس، قال: وروي أيضا تحليلها وإجازتها عن أبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله، قالا: تمتعنا إلى نصف من خلافة عمر، رضي الله تعالى عنه، حتى نهى عمر الناس عنها في شأن عمرو بن حريث، ونكاح المتعة قبل التحريم هل كان مطلقا أو مقيدا بالحاجة وبالأسفار؟ قال الطحاوي: كل هؤلاء الذين رووا عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إطلاقها أخبروا أنها كانت في سفر، وليس أحد منهم أخبر أنها كانت في حضر، وذكر حديث ابن مسعود أنه أباحها لهم في الغزو. وقال الحازمي: ولم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم، أباحها لهم وهم في بيوتهم، وقال القاضي عياض: قد ذكر في حديث ابن عمر: أنها كانت رخصة في أول الإسلام لمن اضطر إليها: كالميتة، وإذا تقرر أن نكاح المتعة غير صحيح فهل يحد من وطئ في نكاح متعة؟ فأكثر أصحاب مالك قالوا: لا يحد لشبهة العقد، وللخلاف المتقدم فيه، وأنه ليس من تحريم القرآن، ولكنه يعاقب عقوبة شديدة. وقال صاحب (الإكمال): هذا هو المروي عن مالك، وأصل هذا عند بعض شيوخنا التفريق في الحد بين ما حرمته السنة أو حرمه القرآن، وأيضا فالخلاف بين الأصوليين: هل يصح الإجماع على أحد القولين بعد الخلاف أو لا ينعقد؟ وحكم الخلاف باق. قال: وهذا مذهب القاضي أبي بكر، وقال الرافعي ما ملخصه: إن صح رجوع ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما، وجب الحد لحصول الإجماع، وإن لم يصح رجوعه فيبنى على أنه لو اختلف أهل عصر في مسألة ثم اتفق من بعدهم على أحد القولي فيها، هل يصير ذلك مجمعا عليها؟ فيه وجهان أصوليان، إن قلنا: نعم، وجب الحد، وإلا فلا، كالوطء في سائر الأنكحة المختلف فيها. قال: وهو الأصح، وكذا صححه النووي، رحمه الله تعالى. قوله: (يوم خيبر) وفي لفظ الترمذي: زمن خيبر، وقال ابن عبد البر: وذكر
(٢٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 ... » »»