هذا وجه آخر في الحديث المذكور. ذكر بصيغة التمريض عن محمد بن الوليد الزبيدي، بضم الزاي وفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف، عن محمد بن مسلم الزهري إلى آخره، ووصل هذا أبو داود من طريق إسماعيل بن عباس عنه.
قوله: (أبان) هو أبان بن سعيد المذكور الآن. قوله: (قبل نجد)، بكسر القاف أي: ناحية نجد. قوله: (بخيبر) في محل النصب على الحال، أي: حال كون النبي صلى الله عليه وسلم، في خيبر. قوله: (وإن حزم) بضم الحاء المهملة والزاي: جمع حزام. قوله: (الليف) مرفوع لأنه خبر: إن، واللام فيه للتأكيد. قوله: وفي رواية الكشميهني: الليف بدون لام التأكيد. قوله: (قلت: يا رسول الله) القائل أبو هريرة يقول: لا تسهم لأبان وأصحابه، من الإسهام يعني: لا تعطهم سهما من الغنيمة. فإن قلت: في الحديث الماضي القائل بقوله: لا تسهم، هو أبان بن سعيد، وهنا القائل بذلك أبو هريرة، فما التوفيق بينهما؟ قلت: لا منافاة بينهما ولا امتناع، لأن أبا هريرة أحتج على أبان بأنه قاتل ابن قول، وأبان احتج على أبي هريرة بأنه ليس ممن له في الحرب شيء يستحق به النفل. قوله: (قال أبان: وأنت بهذا؟) يخاطب به أبا هريرة، أي: أنت ملتبس بهذا القول؟ وقائل بهذا. قوله: (يا وبر)، فيه تعريض لتحقيره، وأشار إلى كنيته وأنه ليس في قدر من يشير بعطاء ولا منع. قوله: (تحدر) فيه التفات من الخطاب إلى الغيبة، لأن تحدر فعل ماض، أي: نزل، وفي الرواية السابقة: تدلى، وهو بمعناه وفي الرواية التي تأتي الآن: تدأدأ، بدالين مهملتين بينهما همزة ساكنة، وقيل: أصله تدهده، فأبدلت الهاء همزة. قال ابن الأثير: معناه: أقبل علينا مسرعا، وهو من داد البعير وتدأدأ: إذا اشتد عدوه، ومعنى: تدهده تدحرج وسقط علينا، وفي رواية المستملي: تدارأ، براء بدل الدال الثانية بمعنى: سقط وهجم علينا، وفي رواية أبي زيد المروزي: تردى، من التردي وهو السقوط من مكان عال. قوله: (من رأس ضال) باللام في هذه الرواية، وفي الرواية السابقة: ضان، بالنون، والضال، بتخفيف اللام: السدر البري.
4239 حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عمرو بن يحيء بن سعيد قال أخبرني جدي أن أبان بن سعيد أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليه فقال أبو هريرة يا رسول الله هذا قاتل ابن قوقل وقال أبان لأبي هريرة واعجبا لك وبر تدأدأ من قدوم ضأن ينعي علي امرءا أكرمه الله بيدي ومنعه أن يهينني بيده.
هذا وجه آخر للحديث السابق أخرجه عن موسى بن إسماعيل أبي سلمة المنقري التبوذكي عن عمرو بن يحيى بن سعيد عن جده سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص.
قوله: (هذا) أشار به أبو هريرة إلى أبان بن سعيد، وقال: هذا قاتل نعمان بن قوقل، وقد ذكرنا أنه قتله يوم أحد. قوله: (واعجبا) قد مر تفسيره عن قريب وزاد هنا لفظ: لك. قوله: (وبر) مبتدأ وتخصص بالصفة، وهي قوله: (تدأدأ) وقوله: (ينعى) بفتح الياء وسكون النون وفتح العين المهملة: أي: يعيب علي، يقال: نعى فلان على فلان أمرا إذا عابه به، وفي رواية أبي داود عن حامد بن يحيى عن سفيان يعيرني. قوله: (أمرا) أراد به النعمان بن قوقل. قوله: (أكرمه الله) حيث صار شهيدا على يدي. قوله: (ومنعه) أي: ومنع هذا المرء، وهو النعمان. قوله: (أن يهينني) أي: بالإهانة بيده، فإن النعمان لو قتل أبان بن سعيد كان له خزي وإهانة في الدارين لأنه يوم أحد لم يكن مسلما، ويروى: فلم يهني، بضم الياء وكسر الهاء وتشديد النون، وأصله يهينني، فأدغمت إحدى النونين في الأخرى.
4241 حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أن فاطمة عليها السلام بنت النبي صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر. فقال أبو بكر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة إنما يأكل آل محمد صلى الله عليه وسلم