ابن الأكوع. قوله: (فنفث فيه)، أي: في موضع الضربة، والنفثات جمع نفثة وهي فوق النفخ ودون التفل، وقد يكون بغير ريق بخلاف التفل، وقد يكون بريق خفيف بخلاف النفخ. قوله: (حتى الساعة)، بالنصب نحو: أكلت السمكة حتى رأسها بالنصب، هكذا قاله الكرماني قلت: تمثيله لا يتأتى إلا في حالة النصب، لأن فيه يجوز الأوجه الثلاثة: الرفع والنصب والجر، بخلاف حتى الساعة، فإنه لا يجوز فيه الرفع وهو ظاهر، أما وجه النصب فلا بد فيه من تقدير زمان تقديره: فما اشتكيتها زمانا حتى الساعة، وأما الجر فلكون حتى للعطف، والمعطوف داخل في المعطوف عليه، فافهم.
4207 حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا ابن أبي حازم عن أبيه عن سهل قال التقى النبي صلى الله عليه وسلم والمشركون في بعض مغازيه فاقتتلوا فمال كل قوم إلى عسكرهم وفي المسلمين رجل لا يدع من المشركين شاذة ولا فاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه فقيل يا رسول الله ما أجزأ أحدهم ما أجزأ فلان فقال إنه من أهل النار فقالوا أينا من أهل الجنة إن كان هاذا من أهل النار فقال رجل من القوم لأتبعنه فإذا أسرع وأبطأ كنت معه حتى جرح فاستعجل الموت فوضع نصاب سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل عليه فقتل نفسه فجاء الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أشهد أنك رسول الله فقال وما ذاك فأخبره فقال إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وإنه من أهل النار ويعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة..
هذا طريق آخر لحديث سهل بن سعد الذي مضى في هذا الباب عن قريب، وكان من الترتيب أن يذكره عقيبه، وقد مر الكلام فيه هناك مستوفى، وابن أبي حازم هو عبد العزيز بن أبي حازم يروي عن أبيه أبي حازم، واسمه: سلمة بن دينار، يروي عن سهل بن سعد الساعدي الأنصاري، رضي الله تعالى عنه، قوله: (يضربها)، ويروى: (فضربها). قوله: (أحدهم)، ويروى: أحد. قوله: (نصاب سيفه)، وهو مقبضه. قوله: (بالأرض)، أي: ملتصقا بها، أو تكون الباء بمعنى: في.
4208 حدثنا محمد بن سعيد الخزاعي حدثنا زياد بن الربيع عن أبي عمران قال نظر أنس إلى الناس يوم الجمعة فرأى طيالسة فقال كأنهم الساعة يهود خيبر.
مطابقته للترجمة في قوله: (يهود خيبر) ومحمد بن سعيد بن الوليد أبو بكر الخزاعي البصري، وروى عنه البخاري هنا مفردا، وفي الجهاد مقرونا، وليس له في البخاري إلا هذين الموضعين. وهو ثقة من أفراد أحمد. وزياد، بكسر الزاي وتخفيف الياء آخر الحروف: ابن الربيع أبو خداش بكسر الخاء المعجمة وتخفيف الدال المهملة وفي آخره شين: اليحمدي الأزدي البصري، وثقه أحمد وغيره، ونقل ابن عدي عن البخاري أنه قال: فيه نظر، وقال ابن عدي: وما أرى برواياته بأسا، وأبو عمران هو عبد الملك بن حبيب الجوني، بفتح الجيم وسكون الواو وبالنون: نسبة إلى بني الجون، بطن من الأزد.
قوله: (فرأى طيالسة) أي: عليهم، وهو جمع طيلسان، بفتح اللام والهاء في الجمع للعجمة، لأنه فارسي معرب، وقال الجوهري: والعامة تقول بكسر اللام. قوله: (كأنهم)، أي: كان هؤلاء الناس الذين رأى عليهم الطيالسة يهود خيبر، وهذا إنكار عليهم لأن التشبه بهم ممنوع، وأدنى الدرجات فيه الكراهة، وقد روى ابن خزيمة وأبو نعيم: أن أنسا قال: ما شبهت الناس اليوم في المسجد وكثرة الطيالسة إلا يهود خيبر، وقال بعضهم: ولا يلزم من هذا كراهية لبس الطيالسة. قلت: لا نسلم ذلك، لأنه إذا لم يفهم منه الكراهة فما فائدة تشبيهه إياهم باليهود في استعمالهم الطيالسة؟ وقال أيضا: وقيل: إنما أنكر ألوانها. قلت: ومن هو قائل هذا من العلماء حتى يعتمد عليه؟ ومن قال: إن اليهود في ذلك الزمن كانوا يستعملون الصفر من الطيالسة أو غيرها؟ ولئن سلمنا أنها