عمدة القاري - العيني - ج ١٧ - الصفحة ٢٣٧
قوله ' قل عربي مشى بها مثله ' حاصل المعنى من العرب قليل مشى في الدنيا بهذه الخصلة الحميدة التي هي الجهاد مع الجهد أي الجد وكذا وقع في هذه الرواية مشى بلفظ الماضي من المشي قوله ' بها ' أي بالأرض أو المدينة أو الحرب أو الخصلة قوله ' مثله ' أي مثل عامر (حدثنا قتيبة حدثنا حاتم قال نشأ بها) أي حدثه قتيبة بن سعيد عن حاتم بالحاء المهملة ابن إسماعيل الكوفي نشأ بالنون وبالهمزة في آخره أي شب وكبر وحكى السهيلي أنه وقع في رواية مشابها بضم الميم اسم فاعل من المشابهة وحاصل معناه ليس له مشابه في صفة الكمال في القتال وانتصابه يكون على الحال أو بفعل محذوف والتقدير قل عربي رأيته مشابها قال السهيلي وروى قل عربيا نشأ بها مثله والفاعل مثله وعربيا منصوب على التمييز لأن في الكلام معنى المدح فهو على حد قولهم عظم زيد رجلا وقتل زيد أدبا 219 - (حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن حميد الطويل عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله أتى خيبر ليلا وكان إذا أتى قوما بليل لم يغر بهم حتى يصبح فلما أصبح خرجت اليهود بمساحيهم ومكاتلهم فلما رأوه قالوا محمد والله محمد والخميس فقال النبي خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين) مطابقته للترجمة ظاهرة والحديث مضى في الجهاد في باب دعاء النبي إلى الإسلام فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن مسلمة عن مالك إلى آخره قوله عن أنس وفي رواية أبي إسحاق الفزاري عن حميد سمعت أنسا كما تقدم في الجهاد قوله أتى خيبر ليلا أي في الليل ومعناه قرب منها وقال ابن إسحاق أنه نزل بواد يقال له الرجيع بينهم وبين غطفان ليلا يمدوهم وكانوا حلفاءهم قال فبلغني أن غطفان تجهزوا وقصدوا خيبر فسمعوا حسا خلفهم فظنوا أن المسلمين خلفوهم في ذراريهم فرجعوا فأقاموا وخذلوا أهل خيبر قوله لم يغر بهم بضم الياء وكسر الغين المعجمة من الإغارة هكذا رواية الأكثرين وفي رواية أبي ذر عن المستملي لم يقربهم بفتح الياء وسكون القاف من القرب وتقدم في الجهاد بلفظ لا يغير عليهم وفي الأذان من وجه آخر عن حميد بلفظ كان إذا غزا لم يغز بنا حتى نصبح وننظر فإن سمع أذانا كف عنهم وإلا أغار قوله خرجت اليهود بمساحيهم يعني طالبين زرعهم وذلك أنهم كانوا يخرجون في كل يوم متسلحين مستعدين فلا يرون أحدا حتى إذا كانت الليلة التي قدم فيها المسلمون ناموا فلم تتحرك لهم دابة ولم يصح لهم ديك وخرجوا بالمساحي طالبين مزارعهم فوجدوا المسلمين وفي رواية أحمد خرجت يهود بمساحيهم إلى زرعهم والمساحي جمع مسحاة وهي آلة الحرث والمكاتل جمع مكتل وهي القفة الكبيرة التي يحول فيها التراب وغيره قوله محمد أي هذا محمد قوله والخميس أي الجيش سمي خميسا لأنه خمسة أقسام الميمنة والميسرة والقلب والمقدمة والساقة ويجوز في الخميس الرفع والنصب فالرفع على العطف والنصب على أنه مفعول معه قوله بساحة قوم الساحة الفضاء وأصلها الفضاء بين المنازل قوله فساء من أفعال الذم والمنذرين بفتح الذال المعجمة فإن قلت كيف قال خربت خيبر قبل وقوعه قلت هذا من جملة معجزاته علم بطريق الوحي أنها تخرب وقيل أخذه من لفظ المسحاة لأنه من سحوت إذا قشرت وفيه أخذ التفاؤل من حيث الاشتقاق 220 - (أخبرنا صدقة بن الفضل أخبرنا ابن عيينة حدثنا أيوب عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال صبحنا خيبر بكرة فخرج أهلها بالمساحي فلما بصروا بالنبي قالوا محمد والله محمد والخميس فقال النبي الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين فأصبنا من لحوم الحمر - 4197 حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن حميد الطويل عن أنس رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى خيبر ليلا وكان إذا أتى قوما بليل لم يغربهم حتى يصبح فلما أصبح خرجت اليهود بمساحيهم ومكاتلهم فلما رأوه قالوا محمد والله محمد والخميس فقال النبي صلى الله عليه وسلم خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين..
مطابقته للترجمة ظاهرة. والحديث مضى في الجهاد في: باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، إلى الإسلام، فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن مسلمة عن مالك إلى آخره.
قوله: (عن أنس) وفي رواية أبي إسحاق الفزاري: عن حميد سمعت أنسا، كما تقدم في الجهاد. قوله: (أتى خيبر ليلا) أي: في الليل، ومعناه: قرب منها. وقال ابن إسحاق: إنه نزل بواد يقال له الرجيع بينهم وبين غطفان ليلا يمدوهم وكانوا حلفاءهم، قال: فبلغني أن غطفان تجهزوا وقصدوا خيبر فسمعوا حسا خلفهم، فظنوا أن المسلمين خلفوهم في ذراريهم فرجعوا فأقاموا وخذلوا أهل خيبر. قوله: (لم يغر بهم) بضم الياء وكسر الغين المعجمة: من الإغارة، هكذا رواية الأكثرين، وفي رواية أبي ذر عن المستملي: لم يقربهم، بفتح الياء وسكون القاف، من القرب، وتقدم في الجهاد بلفظ، لا يغير عليهم، وفي الآذان من وجه آخر، عن حميد بلفظ: كان إذا غزا لم يغز بنا حتى نصبح وننظر فإن سمع أذانا كف عنهم وإلا أغار، قوله: (خرجت اليهود بمساحيهم)، يعني: طالبين زرعهم، وذلك أنهم كانوا يخرجون في كل يوم متسلحين مستعدين فلا يرون أحدا حتى إذا كانت الليلة التي قدم فيها المسلمون ناموا فلم تتحرك لهم دابة ولم يصح لهم ديك، وخرجوا بالمساحي طالبين مزارعهم فوجدوا المسلمين، وفي رواية أحمد: خرجت يهود بمساحيهم إلى زرعهم، والمساحي جمع مسحاة وهي آلة الحرث، والمكاتل جمع مكتل وهي القفة الكبيرة التي يحول فيها التراب وغيره. قوله: (محمد) أي: هذا محمد. قوله: (والخميس) أي: الجيش، سمى خميسا لأنه خمسة أقسام: الميمنة والميسرة والقلب والمقدمة والساقة، ويجوز في الخميس الرفع والنصب، فالرفع على العطف، والنصب على أنه مفعول معه. قوله: (بساحة قوم) الساحة الفضاء، وأصلها الفضاء بين المنازل. قوله: (فساء) من أفعال الذم (والمنذرين) بفتح الذال المعجمة. فإن قلت: كيف قال: خربت خيبر قبل وقوعه؟ قلت: هذا من جملة معجزاته، علم بطريق الوحي أنها تخرب، وقيل: أخذه من لفظ المسحاة، لأنه من سحوت إذا قشرت، وفيه أخذ التفاؤل من حيث الاشتقاق.
4198 أخبرنا صدقة بن الفضل أخبرنا عيينة حدثنا أيوب عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال صبحنا خيبر بكرة فخرج أهلها بالمساحي فلما بصروا بالنبي صلى الله عليه وسلم قالوا محمد والله محمد والخميس فقال النبي صلى الله عليه وسلم الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين فأصبنا من لحوم الحمر
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»