وأبي كريب كلاهما عن أبي أسامة عنه.
قوله: (ونحن في ستة نفر) الظاهر أنهم كانوا من الأشعريين. قوله: (نعتقبه) أي: نركبه عقبة وهي أن يتناوبوا في الركوب بأن يركب أحدهم قليلا ثم ينزل فيركب الآخر حتى يأتي إلى آخرهم. قوله: (فنقبت)، بفتح النون وكسر القاف، يقال: نقب البعير إذا رقت أخفافه، ونقب الخف إذا تخرق، وذلك لمشيهم حفاة قد نقبت أقدامهم وسقطت أظفارهم. قوله: (لما كان)، أي: لأجل ما فعلناه من ذلك. قوله: (وحدث أبو موسى بذلك) هذا موصول بالإسناد المذكور، وهو مقول أبي بردة عن أبي موسى. قوله: (ثم كره ذلك) أي: أبو موسى ما حدثه من ذلك لما فيه من تزكية نفسه. قوله: (كأنه كره...) إلخ. وذلك لأن كتمان العمل الصالح أفضل من إظهاره إلا لوجود مصلحة تقتضي ذلك. قال الله تعالى: * (وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم) * (البقرة: 271).
4129 حدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوات عمن شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم ذات الرقاع صلى صلاة الخوف أن طائفة صفت معه وطائفة وجاه العدو فصلى بالتي معه ركعة ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم.
مطابقته للترجمة ظاهرة، ويزيد من الزيادة ابن رومان، بضم الراء: مولى الزبير بن العوام، وصالح بن خوات، بفتح الخاء المعجمة وتشديد الواو وفي آخره تاء مثناة من فوق: ابن جبير، بضم الجيم وفتح الباء الموحدة: ابن النعمان الأنصاري.
والحديث أخرجه بقية الجماعة كلهم في الصلاة، فمسلم عن يحيى بن يحيى وغيره، وأبو داود عن القعنبي، والترمذي عن بندار، والنسائي عن قتيبة، وابن ماجة عن بندار به.
قوله: (عمن شهده مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم) ويروى: عمن شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم، قيل: اسم هذا المبهم: سهل بن أبي حثمة، قال المزي:
هو سهل بن عبد الله بن أبي حثمة، واسم أبي حثمة: عامر بن ساعدة الأنصاري، وقال بعضهم: الراجح أنه أبو صالح المذكور، وهو خوات بن جبير، واحتج على ذلك بأن أبا أويس روى هذا الحديث عن يزيد بن رومان شيخ مالك فيه، فقال: عن صالح بن خوات عن أبيه أخرجه ابن منده في (معرفة الصحابة) من طريقه. انتهى. قلت: الذي يظهر أن صالحا سمعه من أبيه ومن سهل بن أبي حثمة، فلذلك كان يبهمه تارة كما في الطريق المذكور، ويفسره أخرى كما في الطريق الذي يأتي الآن، ولا يقال: هذه رواية عن مجهول، لأن الصحابة كلهم عدول فلا يضر ذلك. قوله: (معه) أي: مع النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: (وجاء العدو)، أي: محاذيهم ومواجههم، والوجاه، بضم الواو وكسرها.
قال مالك وذلك أحسن ما سمعت في صلاة الخوف هذا موصول بالإسناد المذكور، ثم كلام مالك هذا يقتضي أنه سمع في كيفية صلاة الخوف صفات متعددة واختار منها في العمل حديث صالح بن خوات المذكور، أشار إليه بقوله: (وذلك أحسن ما سمعت) ووافقه على ذلك الشافعي وأحمد وأبو داود، ثم إن بعض العلماء حملوا اختلاف الصفات في صلاة الخوف على اختلاف الأحوال، وبعضهم حملوها على التوسع والتخيير، وقد مر الكلام فيه مستقصى في أبواب صلاة الخوف.
4130 وقال معاذ حدثنا هشام عن أبي الزبير عن جابر قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بنخل فذكر صلاة الخوف..
كذا وقع، معاذ، بغير نسبة عند الأكثرين، ووقع عند النسفي: قال معاذ بن هشام أخبرنا هشام، وقال بعضهم: فيه رد على أبي نعيم ومن تبعه في الجزم بأن معاذا هذا هو ابن فضالة شيخ البخاري. قلت: وقوع معاذ بغير نسبة يحتمل الوجهين على ما لا يخفى، وقول أبي نعيم مترجح حيث قال: أخبرنا هشام، ولم يقل: أخبرنا أبي، وكل من معاذ وهشام ذكر مجردا، أما معاذ بن هشام على قول النسفي فهو ثقة صاحب غرائب، وأما هشام الذي روى عنه معاذ فهو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي البصري، واسم