عمدة القاري - العيني - ج ١٧ - الصفحة ١٩٩
قال جابر فنمنا نومة ثم إذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا فجئناه فإذا عنده أعرابي جالس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هاذا اخترط سيفي وأنا نائم فاستيقظت وهو في يده صلتا فقال لي من يمنعك مني قلت له الله فها هو ذا جالس ثم لم يعاقبه رسول الله صلى الله عليه وسلم..
مطابقته للترجمة من حيث إن غزوته صلى الله عليه وسلم، قبل نجد هي غزوة ذات الرقاع، والدليل عليه أن في رواية يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة: كنا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بذات الرقاع.
وهذا الحديث بطريقيه قد مضى في الجهاد في: باب تفرق الناس عن الإمام عند القائلة، وأخرجه هنا أيضا نحوه. الأول: عن أبي اليمان الحكم بن نافع عن شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن مسلم الزهري عن سنان وأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن جابر، وهذا الإسناد بعينه هناك. الثاني: عن إسماعيل بن أبي أويس عن أخيه عبد الحميد عن سليمان بن بلال عن محمد بن أبي عتيق وهو محمد ابن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، نسب إلى جده، عن ابن شهاب عن سنان بن أبي سنان واسم أبي سنان يزيد ابن أمية، وماله في البخاري إلا هذا الحديث. وأخرجه من روايته عن أبي هريرة في الطب، وأخرج البخاري هذا هناك عن موسى بن إسماعيل عن إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن سنان عن جابر وليس فيه ذكر أبي سلمة.
قوله: (قبل نجد)، بكسر القاف وفتح الباء الموحدة: أي: جهته، وقال ابن الأثير: النجد ما ارتفع من الأرض وهو اسم خاص لما دون الحجاز مما يلي العراق، وقال الجوهري: نجد من بلاد العرب وهو خلاف الغور، والغور هو تهامة وكل ما ارتفع من تهامة إلى أرض العراق فهو نجد، وهو مذكور، والحاصل أن غزوة ذات الرقاع كانت بنجد.
قوله: (الدؤلي) بضم الدال وفتح الهمزة، قال الكرماني: ويروى بكسر الدال وسكون الياء آخر الحروف. قلت: الأول: نسبة إلى الدؤل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، وهو بكسر الهمزة ولكنها فتحت في النسبة. والثاني: نسبة إلى الدؤل بن حفيفة بن لحيم، وإلى غير ذلك. قوله: (فلما قفل) أي: رجع. قوله: (القائلة) أي: شدة الحر وسط النهار. قوله: (العضاه) بكسر العين المهملة وتخفيف الضاد المعجمة وبالهاء: كل شجر عظيم له شوك كالطلح والعوسج، الواحدة عضه، الهاء أصلية، وقيل: عضهة، وقيل: عضاهة، فحذفت الهاء الأصلية كما حذفت في الشفة ثم ردت في العضاه كما ردت في الشفاه. قوله: (تحت شجرة) أي: شجرة كثيرة الورق. قوله: (قال جابر) هو موصول بالإسناد المذكور، وسقط ذلك من رواية معمر. قوله: (فإذا) كلمة: إذا، في الموضعين للمفاجأة. قوله: (أعرابي جالس) وفي رواية معمر: فإذا أعرابي قاعد بين يديه، واسمه غورث كما سيأتي. قوله: (اخترط سيفي) أي: سله. قوله: (صلتا) بفتح الصاد المهملة وسكون اللام وفي آخره تاء مثناة من فوق: أي مجردا من الغمد بمعنى مصلوتا، وانتصابه على الحال. قوله: (والله)، أي: الله يمنعني. قوله: (فها هو ذا جالس)، كلمة : ها، للتنبيه و: هو ضمير الشأن وكلمة، ذا، للإشارة إلى الحاضر مبتدأ، و: جالس، خبره والجملة خبر لقوله: هو، فلا تحتاج إلى رابط كما عرف في موضعه. قوله: (ثم لم يعاقبه رسول الله، صلى الله عليه وسلم) وذلك لشدة رغبته في استئلاف الكفار ليدخلوا في الإسلام لم يؤاخذه بما صنع، بل عفا عنه. وذكر الواقدي: أنه أسلم وأنه رجع إلى قومه فاهتدى به خلق كثير.
(وقال أبان حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر قال كنا مع النبي بذات الرقاع فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها للنبي فجاء رجل من المشركين وسيف النبي معلق بالشجرة فاخترطه فقال له تخافني قال لا قال فمن يمنعك مني قال الله فتهدده أصحاب النبي وأقيمت الصلاة فصلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين وكان للنبي أربع وللقوم ركعتاه) هذا طريق آخر في حديث جابر وهو معلق أخرجه عن أبان بفتح الهمزة وتخفيف الباء الموحدة ابن يزيد العطار البصري ووصله مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عفان عن أبان بتمامه قوله ظليلة أي مظللة أي ذات ظل كثيف قوله
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»