عمدة القاري - العيني - ج ١٧ - الصفحة ١٠٩
زوج ابن عمها الحارث بن هشام قوله ' وهو مولى لامرأة من الأنصار ' أي سالم مولى لامرأة وهي ثبيتة المذكورة آنفا (فإن قلت) قد مضى في فضائل الصحابة باب مناقب سالم مولى أبي حذيفة وبينه وبين قوله هنا تفاوت (قلت) النسبة إلى ابن حذيفة إنما كانت بأدنى ملابسة فهو إطلاق مجازي قوله ' كما تبنى رسول الله زيد بن حارثة الكلبي ' من بني عبد ود وكان عبد الرسول فأعتقه وتبناه قبل الوحي بالآية المذكورة وآخى بينه وبين حمزة بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه في الإسلام فجعل الفقير أخا للغني ليعود عليه فلما تزوج النبي زينب بنت جحش الأسدي وكانت تحت زيد بن حارثة قالت اليهود والمنافقون تزوج محمد امرأة ابنه وينهى الناس عنها فأنزل الله هذه الآية أعني قوله * (ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله) * قوله ' فجاءت سهلة ' بفتح السين المهملة وسكون الهاء بنت سهيل بن عمرو العامرية هاجرت مع زوجها أبي حذيفة بن عتبة المذكور ولما جاءت سهلة إلى النبي قالت يا رسول الله إنا كنا نرى سالما ولدا وقد أنزل الله تعالى فيه ما قد علمت فقال النبي أرضعيه فأرضعته خمس رضعات فكان بمنزلة ولدها من الرضاعة هذا لفظ أبي داود وفي رواية النسائي فجاءت سهلة بنت سهيل إلى النبي فقال يا رسول الله إني لأرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم علي قالت قال رسول الله أرضعيه قلت إنه ذو لحية فقال أرضعيه يذهب ما في وجه أبي حذيفة قالت والله ما عرفته في وجه أبي حذيفة وفي رواية له أرضعيه تحرمي عليه فأرضعته فذهب الذي في نفس أبي حذيفة رضي الله تعالى عنه 49 - (حدثنا علي حدثنا بشر بن المفضل حدثنا خالد بن ذكوان عن الربيع بنت معوذ قالت دخل علي النبي غداة بني علي فجلس على فراشي كمجلسك مني وجويريات يضربن بالدف يندبن من قتل من آبائهن يوم بدر حتى قالت جارية وفينا نبي يعلم ما في غد فقال النبي لا تقولي هكذا وقولي ما كنت تقولين) ذكره هنا أن كان بطريق الاستطراد حيث فيه ذكر بدر فله وجه ما وعلي هو ابن عبد الله المديني وبشر بكسر الباء الموحدة ابن المفضل بتشديد الضاد المعجمة المفتوحة ابن لاحق أبو إسماعيل البصري وخالد بن ذكوان أبو الحسن المدني سكن البصرة والربيع بضم الراء وفتح الباء الموحدة وكسر الياء آخر الحروف المشددة بنت معوذ بصيغة اسم الفاعل من التعويذ بالذال المعجمة ابن عفراء الأنصارية ومعوذ له صحبة أيضا * والحديث أخرجه البخاري أيضا في النكاح عن مسدد وأخرجه أبو داود في الأدب عن مسدد به وأخرجه الترمذي في النكاح عن حميد بن مسعدة عن بشر بن المفضل به وأخرجه ابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة قوله ' غداة ' نصب على الظرف مضاف إلى الجملة التي بعدها وهي قوله بني بضم الباء الموحدة على صيغة المجهول وعلي بتشديد الياء والبناء عبارة عن الدخول بالمرأة قوله ' كمجلسك ' بفتح اللام بمعنى الجلوس وجويريات يضربن جملة حالية قوله ' بالدف ' بضم الدال وفتحها وتشديد الفاء قوله ' يندبن ' بفتح الياء من الندب وهو ذكر الميت بأحسن أوصافه وهو مما يهيج الشوق إليه والبكاء عليه قوله ' من قتل ' في محل النصب على أنه مفعول يندبن وفيه إباحة ضرب الدف صبيحة العرس وإباحة سماعهن ومن يمنعه من العلماء يقول كان هذا وأمثاله في ابتداء الإسلام وفيه منع نسبة علم الغيب لأحد من المخلوقين * - 3997 حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا الليث قال حدثني يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن ابن خباب أن أبا سعيد بن مالك الخدري رضي الله تعالى عنه قدم من سفر فقدم إليه أهله لحما من لحوم الأضحى فقال ما أنا بآكله حتى أسأل فانطلق إلى أخيه لامه وكان بدريا قتادة بن النعمان فسأله فقال إنه حدث بعدك أمر نقض لما كانوا ينهون عنه من أكل لحوم الأضحى بعد ثلاثة أيام. (الحديث 3997 طرفه في: 5568).
الغرض من ذكره هنا لقوله: (وكان بدريا). والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، رضي الله تعالى عنه، وابن خباب هو عبد الله ابن خباب، بفتح الخاء المعجمة وتشديد الباء الموحدة الأولى: مولى بني عدي بن النجار الأنصاري، وأبو سعيد سعد بن مالك الخدري، رضي الله تعالى عنه، وفي الإسناد ثلاثة من التابعين على نسق واحد.
قوله: (من لحوم الأضحى) ويروى: الأضاحي. قوله: (بآكله) على صيغة اسم الفاعل من أكل. قوله: (إلى أخيه لأمه) وهي أنيسة بنت قيس بن عمرو. قوله: (وكان بدريا) أي: وكان أخوه لأمه وهو قتادة ممن شهد غزوة بدر، قوله: (قتادة بن النعمان) يجوز فيه الرفع والنصب والجر، أما الرفع فعلى أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هو قتادة بن النعمان، وأما النصب فعلى أنه مفعول لفعل محذوف تقديره: أعني قتادة، وأما الجر فعلى أنه بدل من أخيه، وبقية نسب قتادة هو: ابن النعمان بن زيد بن عامر بن سواد بن كعب، وكعب هو ظفر بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس الأنصاري الظفري، يكنى أبا عمرو وقيل: أبا عمر، وقيل: أبا عبد الله عقبي بدري أحدي وشهد المشاهد كلها وأصيبت عينه يوم بدر، وقيل: يوم الخندق، وقيل: يوم أحد وهو الأصح، فسالت حدقته على وجهه فأرادوا قطعها ثم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فرفع حدقته بيده حتى وضعها موضعها ثم غمزها براحته، وقال: اللهم اكسه جمالا، فمات وإنها لأحسن عينيه وما مرضت بعد، وقال الهيثم بن عدي، فأتى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعينه في يده، فقال: ما هذه يا قتادة؟ قال: هو كما ترى! فقال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت رددتها ودعوت الله تعالى، فلم تفقد منها شيئا، فقال: يا رسول الله إن الجنة لجزاء جليل وعطاء جميل، ولكني رجل مبتلى بحب النساء وأخاف أن يقلن: أعور، فلا يردنني، ولكن تردها وتسأل الله تعالى لي الجنة، فأخذها رسول الله، صلى الله عليه وسلم بيده وأعادها إلى مكانها، فكانت أحسن عينيه إلى أن مات، ودعا له بالجنة. وقال عبد الله بن محمد بن عمارة: قال: يا رسول الله إن عندي امرأة أحبها وإن هي رأت عيني خشيت أن تقذرني، فردها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بيده فاستوت، وعن ابن إسحاق من حديث جابر بن عبد الله، وقال: أصيبت عين قتادة بن النعمان يوم أحد وكان قريب عهد بعرس، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذها بيده فردها فكانت أحسن عينيه وأحدهما نظرا، وقال أبو معشر السندي: قدم رجل من ولد قتادة بن النعمان على عمر بن عبد العزيز، رضي الله تعالى عنه، فقال: ممن الرجل؟ فقال:
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 109 110 111 112 113 ... » »»