عمدة القاري - العيني - ج ١٧ - الصفحة ١٠٧
رسول الله، صلى الله عليه وسلم بيده وأعادها إلى مكانها، فكانت أحسن عينيه إلى أن مات، ودعا له بالجنة. وقال عبد الله بن محمد بن عمارة: قال: يا رسول الله إن عندي امرأة أحبها وإن هي رأت عيني خشيت أن تقذرني، فردها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بيده فاستوت، وعن ابن إسحاق من حديث جابر بن عبد الله، وقال: أصيبت عين قتادة بن النعمان يوم أحد وكان قريب عهد بعرس، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذها بيده فردها فكانت أحسن عينيه وأحدهما نظرا، وقال أبو معشر السندي: قدم رجل من ولد قتادة بن النعمان على عمر بن عبد العزيز، رضي الله تعالى عنه، فقال: ممن الرجل؟ فقال:
* أنا ابن الذي سالت على الخد عينه * فردت بكف المصطفى أحسن الرد * * فعادت لما كانت لأول أمرها * فيا حسن ما عين ويا حسن ما رد * توفي قتادة في سنة ثلاث وعشرين، وصلى عليه عمر بن الخطاب ونزل في قبره أخوه أبو سعيد الخدري وهو ابن خمس وستين سنة. قوله: (إنه) أي: إن الشأن. قوله: (نقض) بالقاف والضاد المعجمة بمعنى: ناقض. قوله: (لما كانوا ينهون عنه) أي: لما كانت الصحابة ينهون على صيغة المجهول من أكل لحوم أضاحيهم بعد ثلاثة أيام، واحتج بهذا الحديث قوم على أنه يحرم إمساك لحوم الأضاحي والأكل منها بعد ثلاثة أيام، واحتجوا أيضا بحديث علي، رضي الله تعالى عنه، قال: إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نهانا أن نأكل من لحوم نسكنا بعد ثلاث، وقال جماهير العلماء: يباح الأكل والإمساك بعد الثلاث، والنهي منسوخ بقوله صلى الله عليه وسلم: كلوا بعد وادخروا وتزودوا، على ما يجيء بيانه في كتاب الأضاحي مفصلا إن شاء الله تعالى.
3998 حدثنا عبيد بن إسماعيل حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه قال قال الزبير لقيت يوم بدر عبيدة بن سعيد بن العاص وهو مدجج لا يرى منه إلا عيناه وهو يكنى أبا ذات الكرش فقال أنا أبو ذات الكرش فحملت عليه بالعنزة فطعنته في عينه فمات. قال هشام فأخبرت أن الزبير قال لقد وضعت رجلي عليه ثم تمطأت فكان الجهد أن نزعتها وقد انثنى طرفاها قال عروة فسأله إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها ثم طلبها أبو بكر فأعطاه إياها فلما قبض أبو بكر سأله إياها عمر فأعطاه إياها فلما قبض عمر أخذها ثم طلبها عثمان منه فأعطاه إياها فلما قتل عثمان وقعت عند آل علي فطلبها عبد الله بن الزبير فكانت عنده حتى قتل.
ذكره هنا لأجل قوله: (يوم بدر) وعبيد مصغر عبد واسمه في الأصل: عبد الله بن إسماعيل أبو محمد الهباري القرشي الكوفي، وأبو أسامة حماد بن أسامة، والزبير هو ابن العوام، و: عبيدة بضم العين وفتح الباء الموحدة، وقيل: بفتح العين وكسر الموحدة: ابن سعيد بن العاص بن أمية ابن عبد شمس.
قوله: (وهو مدجج)، بضم الميم وفتح الدال المهملة وكسر الجيم الأولى وفتحها على صيغة اسم الفاعل من: دجج، بالتشديد في شكته وتدجج أي: تغطي بالسلاح فلا يظهر منه شيء، والمدجج شاكي السلاح تامه. قوله: (أبو ذات الكرش) بفتح الكاف وكسر الراء، وهو لذي الخف والظلف وكل محتر كالمعدة للإنسان، وكرش الرجل أيضا عياله، والكرش أيضا: الجماعة من الناس. قوله: (بالعنزة)، بفتح النون وهي كالحربة، قاله الداودي: وقال ابن فارس: هي شبه العكاز. قوله: (قال هشام) هو ابن عروة، وهو موصول بالإسناد المذكور. قوله: (فأخبرت) على صيغة المجهول. قوله: (ثم تمطات) وقال الدمياطي: الصواب: تمطيت، وهو من التمطي، وهو مد اليدين في المشي، وتمطط أي: تمدد. قوله: (فكان الجهد) بفتح الجيم وبضمها. قوله: (أن نزعتها)،
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 109 110 111 ... » »»