عن الطيرة. وعن ابن مسعود: هو فتنة على المقيم والفار، وأما الفار فيقول: فررت فنجوت، وأما المقيم فيقول: أقمت فمت وإنما فر من لم يأت أجله، وأقام من حضر أجله. وقالت عائشة، رضي الله تعالى عنها. (الفرار منه كالفرار من الزحف). ويقال: قلما فر أحد من الوباء فسلم. ويكفي في ذلك موعظة قوله تعالى: * (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت...) * (البقرة: 342). الآية، قال الحسن: خرجوا حذرا من الطاعون فأماتهم الله في ساعة واحدة، وهم أربعون ألفا. وذكر أبو الفرج الأصبهاني في كتابه: كانت العرب تقول إذا دخل أحد بلدا وفيها وباء فإنه ينهق نهيق الحمار قبل دخوله فيها إذا فل أمن من الوباء. فإن قلت: عدم القدوم عليه تأديب وتعليم، وعدم الخروج إثبات التوكل والتسليم، وهما ضدان يؤمر وينهى عنه. قلت: قال ابن الجوزي: إنه لم يؤمن على القادم عليه أن يظن إذا أصابه أن ذلك على سبيل العدوي التي لا صنع للعذر فيما نهي عن ذلك، فكلا الأمرين مراد لإثبات العذر وترك التعرض لما فيه من تزلزل الباطن. وقال بعضهم: إنما نهى عن الخروج لأنه إذا خرج الأصحاء وهلك المرضى فلا يبقى من يقوم بأمرهم.
قوله: (قال أبو النضر: لا يخرجكم إلا فرارا منه)، كذا هو بالنصب، ويجوز رفعه، واستشكلهما القرطبي لأنه يفيد بحكم ظاهره أنه لا يجوز لأحد أن يخرج من الوباء إلا من أجل الفرار، وهذا محال، وهو نقيض المقصود من الحديث، فلا جرم قيده بعض رواة الموطأ بكسر الهمزة وسكون الفاء، ورد هذا بأنه لا يقال: أفر إفرارا، وإنما يقال: فر فرارا وقيل: ألا ههنا غلط من الراوي؟ والصواب حذفها، وقيل: إنها زائدة كما في قوله تعالى: * (ما منعك أن لا تسجد) * (الأعراف: 21). أي: ما منعك أن تسجد؟ ووجه طائفة النصب على الحال، وجعلوا: ألا، للإيجاب لا للاستثناء، وتقديره: لا تخرجوا إذا لم يكن خروجكم إلا فرارا منه، فأباح الخروج لغرض آخر كالتجارة ونحوها.
4743 حدثنا موساى بن إسماعيل حدثنا داود بن أبي الفرات حدثنا عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر عن عائشة رضي الله تعالى عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون فأخبرني أنه عذاب يبعثه الله على من يشاء وأن الله جعله رحمة للمؤمنين ليس من أحد يقع الطاعون فيمكث في بلده صابرا محتبسا يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر شهيد.
هذا الحديث من جنس الحديث السابق، فلذلك ذكره عقيبه فتقع المطابقة بينه وبين الترجمة من حيث أنه مطابق للمطابق والمطابق للمطابق للشيء مطابق لذلك الشيء.
وداود بن أبي الفرات، بضم الفاء وتخفيف الراء وبالتاء المثناة من فوق: المروزي ثم البصري مات سنة سبع وستين ومائة، وعبد الله بن بريدة، بضم الباء الموحدة مصغر بردة: ابن الحصيب بالمهملتين قاضي مرو، تقدم في الحيض، ويحيى بن يعمر، بفتح الياء آخر الحروف وسكون العين المهملة وفتح الميم وبالراء: البصري النحوي القاضي أيضا بمرو التابعي الجليل.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن موسى بن إسماعيل أيضا وفي الطب عن إسحاق عن حبان بن هلال وفي القدر عن إسحاق بن إبراهيم عن النضر بن شميل، وأخرجه النسائي في الطب عن العباس ابن محمد وعن إبراهيم بن يونس.
قوله: (ليس من أحد) كلمة: من، زائدة. قوله: (فيمكث في بلده)، أي: يستقر فيه ولا يخرج. قوله: (صابرا)، حال وكذا قوله: (محتسبا) إما من الأحوال المترادفة أو المتداخلة، وكذلك قوله: (يعلم) حال. قوله: (إلا كان له)، استثناء من قوله: أحد.
وفيه: بيان عناية الله تعالى بهذه الأمة المكرمة حيث جعل ما وعد عذابا لغيرهم رحمة لهم.
5743 حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ل يث عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا ومن يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا ومن يجتري عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه أسامة فقال