عمدة القاري - العيني - ج ١٦ - الصفحة ١٨١
والاغترار. وفيه: ما طبع عليه الإنسان من البشرية حتى يحمله الغضب على ارتكاب خلاف الأولى. لكن الفاضل في الدين يسرع الرجوع إلى الأول لقوله تعالى: * (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا) * (الأعراف: 201). وفيه: أن غير النبي صلى الله عليه وسلم، ولو بلغ في الفضل الغاية، فليس بمعصوم. وفيه: استحباب سؤال الاستغفار والتحلل من المظلوم. وفيه: أن من غضب على صاحبه نسبه إلى أبيه أوجده ولم يسمه باسمه، وذلك من قول أبي بكر لما جاء وهو غضبان من عمر: كان بيني وبين ابن الخطاب، فلم يذكره باسمه، ونظيره قوله صلى الله عليه وسلم: ألا إن كان ابن أبي طالب يريد أن ينكح ابنتهم. وفيه: أن الركبة ليست بعورة.
2663 حدثنا معلى بن أسد حدثنا عبد العزيز بن المختار قال خالد الحذاء حدثنا عن أبي عثمان قال حدثني عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل فأتيته فقلت أي الناس أحب إليك قال عائشة فقلت من الرجال فقال أبوها قلت ثم من قال ثم عمر بن الخطاب فعد رجالا. (الحديث 2663 طرفه في: 8534).
مطابقته للترجمة ظاهرة، وذلك لأن كون أحب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر، يدل على أن له فضلا كثيرا وأنه أفضل الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
وعبد العزيز بن المختار أبو إسماعيل الأنصاري الدباغ، وخالد هو ابن مهران الحذاء، وأبو عثمان هو عبد الرحمن بن مل النهدي، بالنون، ورجال هذا الإسناد كلهم بصريون إلا الصحابي.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في المغازي عن إسحاق بن شاهين وأخرجه مسلم في الفضائل عن يحيى بن يحيى. وأخرجه الترمذي في المناقب عن إبراهيم ابن يعقوب وبندار. وأخرجه النسائي فيه عن أبي قدامة عبيد الله بن سعيد.
قوله: (خالد الحذاء حدثنا) هو من تقديم الاسم على الصفة، وقد استعملوه كثيرا، تقدير الكلام: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا خالد الحذاء عن أبي عثمان. قوله: (ذات السلاسل) بسينين مهملتين والمشهور فتح الأولى على لفظ جمع السلسلة، وضبطه كذلك أبو عبيد البكري، وضبطها ابن الأثير بالضم ثم فسره بمعنى: السلسال، أي: السهل، وفسره أبو عبيد: بأنه اسم مكان سمي بذلك لأنهم كانوا مبعوثين إلى أرض بها رمل ينعقد بعضه على بعض كالسلسلة، وكانت غزوة ذات السلاسل سنة سبع، كذا صححه ابن أبي خالد في (تاريخه). وقال ابن سعد والحاكم: في سنة ثمان في جمادي الآخرة، وذكر ابن إسحاق: أن أم العاص بن وائل كانت من بلي، فبعثه النبي صلى الله عليه وسلم، إلى العرب يستنفر إلى الإسلام يستألفهم بذلك حتى إذا كان على ماء بأرض حذام يقال له: السلاسل، وبه سميت تلك الغزوة، ذات السلاسل، على ما يأتي الباقي في المغازي. وقال ابن التين: سميت ذات السلاسل لأن المشركين ارتبط بعضهم إلى بعض مخافة أن يفروا، وعن يونس عن ابن شهاب، قال: هي مشارق الشام إلى بلي وسعد الله ومن يليهم من قضاعة وكندة وبلقين وصحنان وكفار العرب، ويقال لها: بدر الآخرة، وقال ابن سعد: وهي وادي القرى بينها وبين المدينة عشرة أيام. قوله: (فقلت: أي الناس أحب إليك؟) هذا السؤال من عمر، وإنما كان لما وقع في نفسه حين أمره على الجيش وفيهم أبو بكر وعمر أنه مقدم عنده في المنزلة عليهم، فسأله لذلك. قوله: (فعد رجالا)، ويروى: فعدد رجالا يحتمل أن يكون منهم أبو عبيدة ابن الجراح، على ما أخرجه الترمذي من حديث عبيد الله بن شقيق. قال: قلت لعائشة: أي أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم كان أحب إليه؟ قالت: أبو بكر، قلت: ثم من؟ قالت: عمر، قلت: ثم من؟ قالت: أبو عبيدة بن الجراح. قلت: ثم من؟ فسكتت) قيل: يحتمل أن يفسر بعض الرجال الذين أبهموا في حديث الباب بأبي عبيدة.
3663 حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمان ابن عوف أن أبا هريرة رضي الله تعالى عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بينما راع في غنمه عدا عليه الذئب فأخذ منها شاة فطلبه الراعي فالتفت إليه الذئب فقال من لها يوم السبع يوم ليس
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»