والمشورة. والاتباع (فقال حباب بن المنذر: لا، والله لا نفعل)، يعني: لا نرضى أن تكون الإمارة فيكم بل (منا أمير ومنكم أمير) أراد أن يكون أمير من المهاجرين وأمير من الأنصار، فلم يرض أبو بكر بذلك، وهو معنى قوله: (فقال أبو بكر: لا) يعني: لا نرضى بما تقول: (لكنا نحن الأمراء وأنتم الوزراء) ثم بين وجه خصوصية المهاجرين بالإمارة. بقوله: (هم أوسط العرب دارا) أي: قريش أوسط العرب دارا أي: من جهة الدار، وأراد بها مكة، وقال الخطابي: أراد بالدار أهل الدار، وأراد بالأوسط الأخير والأشرف، ومنه يقال: فلان من أوسط الناس. أي: من أشرفهم وأحسبهم، ويقال: هو من أوسط قومه، أي: خيارهم. قوله: () وأعربهم أحسابا بالباء الموحدة في: أعربهم، أي: أشبه شمائل وأفعالا بالعرب، ويروى (أعرقهم) بالقاف موضع الباء: من العراقة، وهي الأصالة في الحسب، وكذا يقال في النسب والأحساب بفتح الهمزة جمع حسب وهو الأفعال، وهو مأخوذ من الحساب يعني: إذا حسبوا مناقبهم فمن كان يعد لنفسه ولأبيه مناقب أكثر كان أحسب. قوله: (فبايعوا عمر)، هذا قول أبي بكر، يقول للمهاجرين والأنصار: بايعوا عمر أو بايعوا أبا عبيدة، إنما قال هذا الكلام حتى لا يتوهموا أن له غرضا في الخلافة، وأضاف إلى عمر أبا عبيدة حتى لا يظنوا أنه يحابي عمر، فلما قال أبو بكر هذه المقالة قال عمر، رضي الله تعالى عنه: بل نبايعك أنت، فقام وبايعه وبايع الناس. قوله: (فقال قائل) أي: من الأنصار: (قتلتم سعدا) يعني سعد بن عبادة، وقال الكرماني: هو كناية عن الإعراض والخذلان لا حقيقة القتل، وقال بعضهم: يرد هذا ما وقع في رواية موسى بن عقبة عن ابن شهاب، فقال قائل من الأنصار: اتقوا سعد بن عبادة لا تطؤه، فقال عمر: اقتلوه قتله الله. انتهى. قلت: لا وجه قط للرد المذكور لأنه ليس المراد من قول عمر: اقتلوه، حقيقة القتل، بل المراد منه أيضا الإعراض عنه وخذلانه، كما في الأول ومعنى قول عمر (قتله الله) دعاء عليه لعدم نصرته للحق ومخالفته للجماعة، لأنه تخلف عن البيعة وخرج من المدينة ولم ينصرف إليها إلى أن مات بالشام كما ذكرناه عن قريب.
قوله: (وقال عبد الله بن سالم) قد ذكرناه، وهذا تعليق لم يذكره البخاري إلا معلقا غير تمام وقد وصله الطبراني في (مسند الشاميين). قوله: (شخص بصر النبي صلى الله عليه وسلم)، من الشخوص وهو ارتفاع الأجفان إلى فوق وتحديد النظر وانزعاجه. قوله: (في الرفيق الأعلى)، أي: الجنة، قاله صاحب (التوضيح) قلت: الرفيق جماعة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الذين يسكنون أعلى عليين، وهو اسم جاء على فعيل وهو الجماعة: كالصديق والخليط يقع على الواحد والجمع ومنه قوله تعالى: * (وحسن أولئك رفيقا) * (النساء: 96). فإن قلت: ما متعلق: في الرفيق الأعلى؟ قلت: محذوف يدل عليه السياق نحو: أدخلوني فيهم، وذلك قاله حين خير بين الموت والحياة فاختار الموت. قوله: (وقص الحديث) أي: قص القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وأراد بالحديث ما قاله عمر من قوله: إنه لم يمت ولن يموت حتى يقطع أيادي رجال المنافقين وأرجلهم، وما قال أبو بكر من قوله: إنه مات وتلا الآيتين، كما مضى. قوله: (قالت)، أي: عائشة، رضي الله تعالى عنها. قوله: (من خطبتهما)، أي: من خطبة أبي بكر وعمر، وكلمة: من، للتبعيض ومن الأخرى في قوله: (ومن خطبة) زائدة. قوله: (لقد خوف عمر...) إلى آخره، بيان الخطبة التي نفع الله بها. قوله: (وإن فيهم لنفاقا)، أي: أن في بعضهم لمنافقين، وهم الذين عرض بهم عمر، رضي الله تعالى عنه، في قوله الذي سبق عن قريب. قيل: وقع في رواية الحميدي في (الجمع بين الصحيحين): وأن فيهم لتقي، فقيل: إنه من إصلاحه فإنه ظن أن قوله: (وإن فيهم لنفاقا) تصحيف فصيره: لتقي، كأنه استعظم أن يكون في المذكورين نفاق. وقال القاضي عياض: لا أدري هو إصلاح منه أو رواية، فعلى الأول فلا استعظام، فقد ظهر من أهل الردة ذلك، ولا سيما عند الحادث العظيم الذي أذهل عقول الأكابر، فكيف بضعفاء الإيمان؟ فالصواب ما في النسخ، والله أعلم.
1763 حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان حدثنا جامع بن أبي راشد حدثنا أبو يعلى عن محمد بن الحنفية قال قلت ل أبي أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر قلت ثم من قال ثم عمر وخشيت أن يقول عثمان قلت ثم أنت قال ما أنا إلا رجل من المسلمين.
مطابقته للترجمة ظاهرة، وسفيان هو الثوري، وجامع هو ابن أبي راشد الصيرفي الكوفي، وأبو يعلى، بفتح الياء آخر الحروف