عمدة القاري - العيني - ج ١٦ - الصفحة ١٧٣
حين أخرج النبي صلى الله عليه وسلم القوم الذين كفروا، وهم أهل مكة من كفار قريش. قوله: (ثاني اثنين) حال من الضمير المنصوب في إذ أخرجه الذين كفروا، يقال: ثاني اثنين، يعني أحد الاثنين، وهما: رسول الله، صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق، ويروى أن جبريل، عليه الصلاة والسلام، لما أمره بالخروج قال: من يخرج معي؟ قال: أبو بكر، وقرئ: ثاني اثنني، بالسكون قوله: (إذ هما) بدل من قوله (إذ أخرجه) والغار ثقب في أعلى ثور جبل من جبال مكة على مسيرة ساعة قوله (إذ يقول)، بدل ثان، وصاحبه: هو أبو بكر، وقالوا: من أنكر صحبة أبي بكر فقد كفر لإنكاره كلام الله، وليس ذلك لسائر الصحابة. قوله: (فأنزل الله سكينته) أي: تأييده ونصره عليه، أي: على رسول الله، صلى الله عليه وسلم في أشهر القولين، وقيل: على أبي بكر، روي عن ابن عباس وغيره، قالوا: لأن الرسول لم تزل معه سكينة، وهذا لا ينافي تجدد سكينة خاصة بتلك الحال. قوله: (وأيده بجنود) أي: الملائكة. قوله: (وجعل كلمة الذين كفروا السفلى) قال ابن عباس: أراد بكلمة الذين كفروا: الشرك، وأراد بكلمة الله: لا إلاه إلا الله. * (والله عزيز) * في انتقامه من الكافرين: * (حكيم) * في تدبيره.
قالت عائشة وأبو سعيد وابن عباس رضي الله تعالى عنهم وكان أبو بكر مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار أما قول عائشة فسيأتي مطولا في: باب الهجرة إلى المدينة، وفيه: ثم لحق رسول الله، صلى الله عليه وسلم بغار في جبل ثور، وأما قول أبي سعيد فقد أخرجه ابن حبان من طريق أبي عوانة عن الأعمش عن أبي صالح عنه في قصة بعث أبي بكر إلى الحج، وفيه: فقال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم أنت أخي وصاحبي في الغار، وأما قول ابن عباس، فقد أخرجه أحمد والحاكم من طريق عمرو بن ميمون عنه، قال: كان المشركون يرمون عليا وهم يظنون أنه النبي صلى الله عليه وسلم... الحديث، وفيه: فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار.
2563 حدثنا عبد الله بن رجاء حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال اشتري أبو بكر رضي الله تعالى عنه من عازب رحلا بثلاثة عشر درهما فقال أبو بكر لعازب مر البراء فليحمل إلي رحلي فقال عازب لا حتى تحدثنا كيف صنعت أنت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرجتما من مكة والمشركون يطلبونكم قال ارتحلنا من مكة فأحيينا أو سرينا ليلتنا ويومنا حتى أظهرنا وقام قائم الظهيرة فرميت ببصري هل أرى من ظل فآوى إليه فإذا صخرة أتيتها فنظرت بقية ظل لها فسويته ثم فرشت للنبي صلى الله عليه وسلم فيه ثم قلت له اضطجع يا نبي الله فاضطجع النبي صلى الله عليه وسلم ثم انطلقت أنظر ما حولي هل أري من الطلب أحدا فإذا أنا براعي غنم يسوق غنمه إلى الصخرة يريد منها الذي أردنا فسألته فقلت له لمن أنت يا غلام قال لرجل من قريش سماه فعرفته فقلت هل في غنمك من لبن قال نعم قلت فهل أنت حالب لبنا قال نعم فأمرته فاعتقل شاة من غنمه ثم أمرته أن ينفض ضرعها من الغبار ثم أمرته أن ينفض كفيه فقال هكذا ضرب إحدى كفيه بالأخرى فحلب لي كثبة من لبن وقد جعلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إداوة على فمها خرقة فصببت على اللبن حتى برد أسفله فانطلقت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوافقته قد استيقظ فقلت له اشرب يا رسول الله فشرب حتى رضيت ثم قلت قد آن الرحيل يا رسول الله قال بلى فارتحلنا والقوم يطلبونا فلم يدركنا أحد منهم غير سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له فقلت هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله فقال لا تحزن إن الله معنا..
مطابقته للترجمة تؤخذ من حيث إن فيه فضيلة أبي بكر، رضي الله تعالى عنه. وعبد الله بن رجاء، بالجيم والمد: ابن المثنى
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»