عمدة القاري - العيني - ج ١٥ - الصفحة ٩١
7 ((باب إذا غدر المشركون بالمسلمين هل يعفى عنهم)) أي: هذا باب يذكر فيه إذا غدر المشركون بالمسلمين، والغدر ضد الوفاء، والغدر: الخيانة، والغدر نقض العهد، ولم يذكر جواب الاستفهام لأجل الاختلاف في معاقبة المرأة التي أهدت الشاة المسمومة.
9613 حدثنا عبد الله بن يوسف قال حدثنا الليث قال حدثني سعيد عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال لما فتحت خيبر أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم فقال النبي صلى الله عليه وسلم اجمعوا إلي من كان هاهنا من يهود فجمعوا له فقال لهم إني سائلكم عن شيء فهل أنتم صادقي عنه فقالوا نعم قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم من أبوكم قالوا فلان فقال كذبتم بل أبوكم فلان قالوا صدقت قال فهل أنتم صادقي عن شيء إن سألت عنه فقالوا نعم يا أبا القاسم وإن كذبنا عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا فقال لهم من أهل النار قالوا نكون فيها يسيرا ثم تخلفونا فيها فقال النبي صلى الله عليه وسلم اخسئوا فيها والله لا نخلفكم فيها أبدا ثم قال هل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه فقالوا نعم يا أبا القاسم قال هل جعلتم في هذه الشاة سما قالوا نعم قال ما حملكم على ذالك قالوا أردنا إن كنت كاذبا نستريح وإن كنت نبيا لم يضرك.
مطابقته للترجمة من حيث إن المشركين من أهل خيبر غدروا بالنبي صلى الله عليه وسلم وأهدوا له على يد امرأة شاة مسمومة فعفا عنها أو قتلها، فيه خلاف على ما نذكره الآن.
و سعيد هو المقبري.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في المغازي عن عبد الله بن يوسف أيضا، وفي الطب عن قتيبة. وأخرجه النسائي أيضا في التفسير عن قتيبة به. وأخرجه مسلم عن أنس: أن امرأة يهودية أتت رسول الله، صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها، فجيء بها إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك، فقالت: أردت لأقتلك! فقال: ما كان الله ليسلطك على ذلك، قال، أو قال: علي. قال: قالوا: ألا نقتلها؟ قال: لا، قال: فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
ذكر معناه: قوله: (أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة)، وكان الذي أتى بها امرأة يهودية، صرح بذلك في (صحيح مسلم) وقال النووي في (شرح مسلم): وهذه المرأة اليهودية الفاعلة للسم اسمها زينب بنت الحارث أخت مرحب اليهودي. قلت كذا رواه الواقدي عن الزهري، وأنه صلى الله عليه وسلم قال لها: ما حملك على هذا؟ قالت: قتلت أبي وعمي وزوجي وأخي، قال محمد: فسألت إبراهيم بن جعفر عن هذا فقال: أبوها الحارث، وعمها بشار وكان أجبن الناس وهو الذي أنزل من الرف، وأخوها زبير، وزوجها سلام بن مشكم. قوله: (سم)، بفتح السين وضمها وكسرها، ثلاث لغات والفتح أفصح، وجمعه: سمام وسموم. قوله: (صادقي) بتشديد الياء لأن أصله: صادقون، فلما أضيف إلى ياء المتكلم وسقطت النون وقلبت الواو ياء أدغمت الياء في الياء. قوله: (ثم تخلفونا فيها)، أي: في النار، وأصل تخلفونا: تخلفوننا، فإسقاط النون من غير جازم ولا ناصب لغة، وهو من خلف يخلف إذا قام مقام غيره، والخلف بتحريك اللام وسكونها كل من يجيء بعده من مضى، إلا أنه بالتحريك في الخير، وبالسكون في الشر، يقال: خلف صدق، وخلف سوء. قوله: (اخسئوا)، زجر لهم بالطرد والإبعاد أو دعاء عليهم بذلك، ويقال لطرد الكلب: إخسأ.
قال القاضي عياض: واختلفت الآثار والعلماء: هل قتلها النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟ فوقع في (مسلم): أنهم قالوا: ألا نقتلها؟ قال: لا، ومثله عن أبي هريرة وجابر، وعن جابر من رواية أبي سلمة: أنه صلى الله عليه وسلم قتلها، وفي رواية ابن عباس: أنه صلى الله عليه وسلم دفعها إلى أولياء بشر بن البراء بن معرور، وكان أكل منها فمات بها فقتلوها، وقال ابن سحنون: أجمع أهل الحديث أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم قتلها، وفي رواية أبي داود. فأمر بها فقتلت، وفي لفظ: قتلها وصلتها وفي (جامع معمر) عن الزهري: لما أسلمت تركها. قال معمر: كذا
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»