عمدة القاري - العيني - ج ١٥ - الصفحة ٩٢
قال الزهري: أسلمت، والناس يقولون: قتلها، وأنها لم تسلم. وقال السهيلي: قيل: إنه صفح عنها. قال القاضي: وجه الجمع بين هذه الروايات والأقاويل أنه لم يقتلها إلا حين اطلع على سحرها، وقيل له: اقتلها، فقال: لا، فلما مات بشر بن البراء من ذلك سلمها لأوليائه فقتلوها قصاصا، فصح قولهم: لم يقتلها أي: في الحال، ويصح قولهم: قتلها أي: بعد ذلك والله أعلم.
وفيه: أن الإمام مالكا احتج به على أن القتل بالسم كالقتل بالسلاح الذي يوجب القصاص، وقال الكوفيون: لا قصاص فيه. وفيه: الدية على العاقلة، قالوا: ولو دسه في طعام أو شراب لم يكن عليه شيء ولا على عاقلته، وقال الشافعي: إذا فعل ذلك وهو مكره ففيه قولان في وجوب القود أصحهما: لا. وفيه: معجزة ظاهرة له، عليه السلام، حيث لم يؤثر فيه السم، والذي أكل معه مات. وفيه: أن السم لا يؤثر بذاته بل بإذن الرب، جل جلاله، ومشيئته، ألا ترى أن السم أثر في بشر ولم يؤثر في النبي صلى الله عليه وسلم؟ فلو كان يؤثر بذاته لأثر فيهما في الحال، والله أعلم.
8 ((باب الدعاء على من نكث عهدا)) أي: هذا باب في بيان جواز الدعاء على من نكث، أي: نقض عهد، أي: ميثاقا.
0713 حدثنا أبو النعمان قال حدثنا ثابت بن يزيد قال حدثنا عاصم قال سألت أنسا رضي الله تعالى عنه عن القنوت قال قبل الركوع فقلت إن فلانا يزعم أنك قلت بعد الركوع فقال كذب ثم حدثنا عن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم أنه قنت شهرا بعد الركوع يدعو على أحياء من بني سليم قال بعث أربعين أو سبعين يشك فيه من القراء إلى أناس من المشركين فعرض لهم هاؤلاء فقتلوهم وكان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد فما رأيته وجد على أحد ما وجد عليهم..
مطابقته للترجمة ظاهرة. وأبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي، وثابت بن يزيد بالياء آخر الحروف، ووهم من قال فيه: زيد، بغير الياء، وعاصم هو ابن سليمان الأحول، وهؤلاء، وهؤلاء كلهم بصريون.
والحديث قد مر في كتاب الوتر في: باب القنوت قبل الركوع وبعده، فإنه أخرجه هناك: عن مسدد عن عبد الواحد عن عاصم عن أنس، رضي الله تعالى عنه.
قوله: (من القراء) متعلق بقوله: بعث. قوله: (وجد)، يقال: وجد مطلوبه يجده من باب ضرب يضرب وجودا، ويجده بالضم لغة عامرية لا نظير لها في باب المثال، ووجد ضالته وجدانا، ووجد عليه في الغضب موجدة ووجدانا أيضا، حكاها بعضهم: ووجد في الحزن وجدا بالفتح، ووجد في المال وجدا ووجدا ووجدا وجدة، أي: استغنى، وكان، صلى الله عليه وسلم، لا يدعو بالشر على أحد من الكفار ما دام يرجو لهم الرجوع والإقلاع عما هم عليه، ألا ترى أنه، صلى الله عليه وسلم، سئل أن يدعو على دوس فدعا لها بالهدى، وإنما دعا على بني سليم حين نكثوا العهد وغدروا لأنه أيس من رجوعهم عن ضلالتهم، فأجاب الله بذلك دعوته وأظهر صدقه وبرهانه، وهذه القصة أصل في جواز الدعاء في الصلاة والخطبة على عدو المسلمين ومن خالفهم، ومن نكث عهدا وشبهه، والله أعلم.
9 ((باب أمان النساء وجوارهن)) أي: هذا باب في بيان حكم أمان النساء وجوارهن، بكسر الجيم وضمها أي: إجارتهن، قال الجوهري: الجار الذي يجاورك، تقول: جاورته مجاورة وجوارا، بكسر الجيم وضمها، والجار الذي أجرته من أن يظلمه ظالم، وأجرته بدون المد من الإجارة، ويقال: أجرت فلانا على فلان إذا أعنته منه ومنعته.
1713 حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله أن أبا مرة مولى أم هانيء ابنة أبي طالب أخبره أنه سمع أم هانىء ابنة أبي طالب تقول ذهبت
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»